للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَثَرُ التَّأْوِيل فِي الْيَمِينِ:

٥٧ - صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ التَّأْوِيل الَّذِي تَنْقَطِعُ بِهِ جُمْلَةُ الْيَمِينِ عَنْ جُمْلَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُقْبَل، وَعِبَارَةُ الْمَالِكِيَّةِ: لَوْ قَال أَرَدْتُ بِقَوْلِي: (بِاللَّهِ) وَثِقْتُ أَوِ اعْتَصَمْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْتُ قَوْلِي: لأََفْعَلَنَّ، وَلَمْ أَقْصِدِ الْيَمِينَ صُدِّقَ دِيَانَةً بِلاَ يَمِينٍ. (١)

وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا قَال: وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، ثُمَّ قَال: أَرَدْتُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، أَوْ قَال: بِاللَّهِ وَقَال: أَرَدْتُ وَثِقْتُ أَوِ اسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفْتُ فَقُلْتُ: لأََفْعَلَنَّ كَذَا مِنْ غَيْرِ قَسَمٍ يُقْبَل ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَإِذَا تَأَوَّل نَحْوَ هَذَا التَّأْوِيل فِي الطَّلاَقِ وَالإِْيلاَءِ لاَ يُقْبَل ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ. (٢)

وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ التَّأْوِيل لاَ يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الْمَذَاهِبِ، فَالْمُتَصَفِّحُ لِكُتُبِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى يَجِدُ تَأْوِيلاَتٍ مَقْبُولَةً عِنْدَهُمْ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ التَّأْوِيل إِنَّمَا يُقْبَل إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسْتَحْلِفٌ ذُو حَقٍّ، وَكَانَ التَّأْوِيل غَيْرَ خَارِجٍ عَمَّا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ.

(ثَانِيًا) الشَّرَائِطُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ

يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ وَبَقَائِهَا مُنْعَقِدَةً أَرْبَعُ شَرَائِطَ تَرْجِعُ إِلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تُسَمَّى جَوَابَ الْقَسَمِ.

٥٨ - (الشَّرِيطَةُ الأُْولَى) : أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلاً.


(١) الشرح الكبير بحاشية الدسوقي ٢ / ١٢٧.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ١٦٦.