للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا إِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَاضِي وَالْحَاضِرِ لِيَكُونَ النَّوْعَانِ مُتَمَاثِلَيْنِ.

١٠٦ - وَالْيَمِينُ الْمَعْقُودَةُ: وَهِيَ الْيَمِينُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ عَقْلاً، سَوَاءٌ أَكَانَ نَفْيًا أَمْ إِثْبَاتًا، نَحْوُ: وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا أَوْ وَاللَّهِ لأََفْعَلَنَّ كَذَا. هَذَا قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. (١)

وَأَفَادَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ هِيَ: مَا لَمْ تَكُنْ غَمُوسًا وَلاَ لَغْوًا. (٢)

وَمَنْ تَأَمَّل فِي مَعْنَى الْغَمُوسِ وَاللَّغْوِ عِنْدَهُمْ لَمْ يَجِدْ مَا يُسَمَّى مُنْعَقِدَةً سِوَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ عَلَى مَا طَابَق الْوَاقِعَ مِنْ مَاضٍ أَوْ حَاضِرٍ، أَوْ مَا يُطَابِقُهُ مِنْ مُسْتَقْبَلٍ؛ لأَِنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ إِمَّا غَمُوسٌ وَإِمَّا لَغْوٌ، لَكِنْ يُلْحَقُ بِالْمُنْعَقِدَةِ الْغَمُوسُ وَاللَّغْوُ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَكَذَا الْغَمُوسُ فِي الْحَاضِرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الأَْحْكَامِ.

وَأَفَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ كُل يَمِينٍ لاَ تُعَدُّ لَغْوًا عِنْدَهُمْ فَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ، فَيَدْخُل فِيهَا الْغَمُوسُ، كَمَا يَدْخُل فِيهَا الْحَلِفُ عَلَى الْمُسْتَقْبَل الْمُمْكِنِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ إِنْ كَانَ التَّلَفُّظُ بِهَا غَيْرَ مَقْصُودٍ كَانَتْ لَغْوًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْمَاضِي أَمْ فِي الْحَال أَمْ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَإِنْ كَانَ التَّلَفُّظُ بِهَا مَقْصُودًا، وَكَانَتْ إِخْبَارًا مَبْنِيًّا عَلَى الْيَقِينِ أَوِ الظَّنِّ أَوِ الْجَهْل، وَتَبَيَّنَ خِلاَفُهَا كَانَتْ لَغْوًا أَيْضًا، مَا لَمْ يَجْزِمِ الْحَالِفُ بِأَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ هُوَ الْوَاقِعُ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُنْعَقِدَةً وَيَحْنَثُ فِيهَا.

وَإِنْ كَانَتْ إِخْبَارًا مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِقَادِ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَهِيَ غَمُوسٌ، وَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَتْ لِلْحَثِّ أَوِ الْمَنْعِ وَكَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُمْكِنًا فَإِنَّهَا


(١) البدائع ٢ / ٤٢٣، والدر المختار ٣ / ٤٧ - ٤٩.
(٢) أقرب المسالك مع شرحه وحاشية الصاوي ١ / ٣٣.