للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَّل إِنْسَانًا فِي بَيْعِهِ أَوْ أَمَرَهُ بِضَرْبِهِ، وَقَال: إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الاِمْتِنَاعَ عَنْ تَكْلِيمِهِ وَضَرْبِهِ بِنَفْسِي.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ بَعِيدَةً عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلْتُ دَارَ فُلاَنٍ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ، ثُمَّ دَخَل الدَّارَ اسْتِنَادًا إِلَى هَذِهِ النِّيَّةِ لَمْ يُقْبَل مِنْهُ مَا ادَّعَاهُ لاَ فِي الْقَضَاءِ وَلاَ فِي الْفَتْوَى، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى. (١)

١٦٠ - مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ: مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَقَال: أَرَدْتُ مُدَّةَ شَهْرٍ فَقَطْ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ قُبِل مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لاَ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ كَطَلاَقٍ وَإِيلاَءٍ، فَلاَ يُقْبَل قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ حَلَفَ: لاَ يُكَلِّمُ أَحَدًا، وَقَال: أَرَدْتُ زَيْدًا مَثَلاً لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ عَمَلاً بِنِيَّتِهِ.

ثُمَّ اللَّفْظُ الْخَاصُّ لاَ يُعَمَّمُ بِالنِّيَّةِ، مِثْل أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِمَا نَال مِنْهُ، فَحَلَفَ لاَ يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ، مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ وَمَاءٍ مِنْ غَيْرِ عَطَشٍ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ نَوَاهُ وَكَانَتِ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا تَقْتَضِي مَا نَوَاهُ؛ لاِنْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَاءِ مِنْ عَطَشٍ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ النِّيَّةُ إِذَا احْتَمَل اللَّفْظُ مَا نَوَى بِجِهَةٍ يَتَجَوَّزُ بِهَا.

وَقَدْ يُصْرَفُ اللَّفْظُ إِلَى الْمَجَازِ بِالنِّيَّةِ، كَلاَ أَدْخُل دَارَ زَيْدٍ، وَنَوَى مَسْكَنَهُ دُونَ مِلْكِهِ، فَيُقْبَل فِي غَيْرِ حَقِّ آدَمِيٍّ - كَأَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ - لاَ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ، كَأَنْ حَلَفَ بِطَلاَقٍ. (٢)


(١) الدسوقي ٢ / ١٣٨ - ١٤١.
(٢) أسنى المطالب ٤ / ٢٥٣.