للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا} (١) ، وَإِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ رُتْبَةً وَاحِدَةً فَالْبِدَعُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي، وَقَدْ ثَبَتَ التَّفَاوُتُ فِي الْمَعَاصِي، فَكَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ مِثْلُهُ فِي الْبِدَعِ، فَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي الضَّرُورِيَّاتِ، وَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الْحَاجِيَّاتِ، وَمِنْهَا مَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ التَّحْسِينَاتِ. وَمَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورِيَّاتِ، مِنْهُ مَا يَقَعُ فِي الدِّينِ، أَوِ النَّفْسِ، أَوِ النَّسْل، أَوِ الْعَقْل، أَوِ الْمَال. (٢)

فَمِثَال وُقُوعِهِ فِي الدِّينِ: اخْتِرَاعُ الْكُفَّارِ وَتَغْيِيرُهُمْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {مَا جَعَل اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} (٣) وَحَاصِل مَا فِي الآْيَةِ تَحْرِيمُ مَا أَحَل اللَّهُ عَلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِلَيْهِ، مَعَ كَوْنِهِ حَلاَلاً بِحُكْمِ الشَّرِيعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

وَمِثَال مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ: مَا عَلَيْهِ بَعْضُ نِحَل الْهِنْدِ، مِنْ تَعْذِيبِهَا أَنْفُسَهَا بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَاسْتِعْجَال الْمَوْتِ، لِنَيْل الدَّرَجَاتِ الْعُلَى عَلَى زَعْمِهِمْ.

وَمِثَال مَا يَقَعُ فِي النَّسْل: مَا كَانَ مِنْ أَنْكِحَةِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ مَعْهُودَةً وَمَعْمُولاً بِهَا وَمُتَّخَذَةً


(١) سورة النساء / ٣١.
(٢) الاعتصام للشاطبي ٢ / ٣١، وقواعد الأحكام ١ / ١٩، وابن عابدين ٣ / ٣٠٩، ٣١٠.
(٣) سورة المائدة / ١٠٣.