للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا فِي امْرَأَةٍ آجَرَتْ نَفْسَهَا ظِئْرًا، وَهِيَ تُعَابُ بِذَلِكَ: لأَِهْلِهَا الْفَسْخُ؛ لأَِنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِذَلِكَ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل إِذَا مَا مَرِضَتِ الظِّئْرُ وَكَانَتْ تَتَضَرَّرُ بِالإِْرْضَاعِ فِي الْمَرَضِ، فَإِنَّهُ يَحِقُّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ الْعَقْدَ.

٦٨ - وَمِنْ صُوَرِ الْعُذْرِ الْمُقْتَضِي لِلْفَسْخِ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْفَسْخَ بِالْعُذْرِ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَأْجَرِ " بِفَتْحِ الْجِيمِ " الصَّبِيُّ إِذَا آجَرَهُ وَلِيُّهُ، فَبَلَغَ فِي مُدَّةِ الإِْجَارَةِ، فَهُوَ عُذْرٌ يُخَوِّل لَهُ فَسْخَ الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ فِي إِبْقَاءِ الْعَقْدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ضَرَرًا بِهِ. وَمِنْ هَذَا مَا قَالُوا فِي إِجَارَةِ الْوَقْفِ عِنْدَ غَلاَءِ أَجْرِ الْمِثْل، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُ عُذْرٌ يَفْسَخُ بِهِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الإِْجَارَةَ، وَيُجَدِّدُ الْعَقْدَ فِي الْمُسْتَقْبَل عَلَى سِعْرِ الْغَلاَءِ، وَفِيمَا مَضَى يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ. أَمَّا إِذَا رَخُصَ أَجْرُ الْمِثْل فَلاَ يُفْسَخُ، مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ. (١)

٦٩ - وَعِنْدَ وُجُودِ أَيِّ عُذْرٍ مِنْ هَذَا فَإِنَّ الإِْجَارَةَ يَصِحُّ فَسْخُهَا إِذَا أَمْكَنَ الْفَسْخُ. فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْفَسْخُ، بِأَنْ كَانَ فِي الأَْرْضِ زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ، لاَ تُفْسَخُ؛ لأَِنَّ فِي الْقَلْعِ ضَرَرًا بِالْمُسْتَأْجِرِ، وَتُتْرَكُ إِلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ بِأَجْرِ الْمِثْل.

تَوَقُّفُ الْفَسْخِ عَلَى الْقَضَاءِ:

٧٠ - إِذَا وُجِدَ بَعْضُ هَذِهِ الأَْعْذَارِ، وَكَانَ الْفَسْخُ مُمْكِنًا، فَإِنَّ الإِْجَارَةَ تَكُونُ قَابِلَةً لِلْفَسْخِ، كَمَا يَرَى بَعْضُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ. وَقِيل: إِنَّهَا تَنْفَسِخُ تِلْقَائِيًّا بِنَفْسِهَا. وَيَقُول الْكَاسَانِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى الْعُذْرِ، فَإِنْ كَانَ يُوجِبُ الاِمْتِنَاعَ عَنِ الْمُضِيِّ فِيهِ شَرْعًا، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ عَلَى خَلْعِ الضِّرْسِ، وَقَطْعِ الْيَدِ الْمُتَأَكِّلَةِ إِذَا سَكَنَ الأَْلَمُ وَبَرَأَتْ مِنَ الْمَرَضِ، فَإِنَّهَا


(١) البدائع ٤ / ١٩٩ - ٢٠٠