للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَكُونُ حَرَامًا، مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرٍ بِشِرْكٍ أَوِ ارْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ، حَيْثُ لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. (١)

الْبِرُّ بِالْوَالِدَيْنِ مَعَ اخْتِلاَفِ الدِّينِ:

٣ - الْبِرُّ بِالْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَلاَ يَخْتَصُّ بِكَوْنِهِمَا مُسْلِمَيْنِ، بَل حَتَّى لَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ يَجِبُ بِرُّهُمَا وَالإِْحْسَانُ إِلَيْهِمَا مَا لَمْ يَأْمُرَا ابْنَهُمَا بِشِرْكٍ أَوِ ارْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ. قَال تَعَالَى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} . (٢)

فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُول لَهُمَا قَوْلاً لَيِّنًا لَطِيفًا دَالًّا عَلَى الرِّفْقِ بِهِمَا وَالْمَحَبَّةِ لَهُمَا، وَيَجْتَنِبَ غَلِيظَ الْقَوْل الْمُوجِبَ لِنُفْرَتِهِمَا، وَيُنَادِيَهُمَا بِأَحَبِّ الأَْلْفَاظِ إِلَيْهِمَا، وَلْيَقُل لَهُمَا مَا يَنْفَعُهُمَا فِي أَمْرِ دِينِهِمَا وَدُنْيَاهُمَا، وَلاَ يَتَبَرَّمُ بِهِمَا بِالضَّجَرِ وَالْمَلَل وَالتَّأَفُّفِ، وَلاَ يَنْهَرُهُمَا، وَلْيَقُل لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِيهَا، فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ


(١) ابن عابدين ٣ / ٢٢٠، والشرح الصغير ٤ / ٧٣٩ ـ ٧٤١، والفروق للقرافي ١ / ١٤٥.
(٢) سورة الممتحنة / ٨.