للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَوَاءٌ حَصَل نَقْدٌ بِالْفِعْل تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ أَمْ لاَ. أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ مَأْمُونَةً لِتَحَقُّقِ رَيِّهَا مِنْ مَطَرٍ مُعْتَادٍ، أَوْ مِنْ نَهْرٍ لاَ يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ، أَوْ عَيْنٍ لاَ يَنْضُبُ مَاؤُهَا، فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ وَلَوْ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ. وَقَالُوا: إِنَّهُ يَجِبُ النَّقْدُ فِي الأَْرْضِ الْمَأْمُونَةِ بِالرَّيِّ بِالْفِعْل وَالتَّمَكُّنِ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا.

وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَسَكَتَ عَنِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ، أَوِ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ فِي الأَْرْضِ الَّتِي تُسْقَى بِمَاءِ الأَْنْهَارِ الدَّائِمَةِ إِذَا رُوِيَتْ وَتَمَكَّنَ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا بِكَشْفِ الْمَاءِ عَنْهَا، وَأَمَّا الأَْرْضُ الَّتِي تُسْقَى بِالْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالآْبَارِ فَلاَ يُقْضَى بِالنَّقْدِ فِيهَا.

لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مَأْمُونًا كَمَاءِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ، إِلاَّ إِذَا تَمَّ زَرْعُهَا وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ. (١)

وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا لاَ يَتِمُّ الاِنْتِفَاعُ بِالأَْرْضِ إِلاَّ بِهِ كَالشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ يَدْخُل تَبَعًا فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ.

إِجَارَةُ الأَْرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا:

٨٣ - إِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهَا مِمَّا تُنْبِتُهُ فَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَجَازُوا إِجَارَتَهَا بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا؛ لأَِنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مَعْهُودَةٌ فِيهَا، وَمَنَعَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِجَارَتَهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ، وَقَيَّدُوا جَوَازَ تَأْجِيرِهَا لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مَاءٌ تُسْقَى بِهِ، وَلَوْ مَاءُ الْمَطَرِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ


(١) كشاف القناع ٤ / ١١، والمهذب ١ / ٣٤٥، ونهاية المحتاج ٥ / ٣١٨، ١٣٥٧ هـ