للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِل فَعَلاَمَاتُ الْبُلُوغِ الطَّبِيعِيَّةُ لَدَيْهِ كَعَلاَمَاتِ الْبُلُوغِ لَدَى الذُّكُورِ أَوِ الإِْنَاثِ، فَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِالإِْنْزَال أَوِ الإِْنْبَاتِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ الْعَلاَمَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوِ الْخَاصَّةِ، عَلَى التَّفْصِيل الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.

أَمَّا الْقَوْل الثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْعَلاَمَةِ فِي الْفَرْجَيْنِ جَمِيعًا، فَلَوْ أَمْنَى الْخُنْثَى مِنْ ذَكَرِهِ، وَحَاضَتْ مِنْ فَرْجِهَا، أَوْ أَمْنَى مِنْهُمَا جَمِيعًا حُكِمَ بِبُلُوغِهِ، أَمَّا لَوْ أَمْنَى مِنْ ذَكَرِهِ فَقَطْ، أَوْ حَاضَتْ مِنْ فَرْجِهَا فَقَطْ فَلاَ يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ. (١)

١٨ - وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى الاِكْتِفَاءِ بِأَيِّ الْعَلاَمَتَيْنِ تَظْهَرُ أَوَّلاً، بِأَنَّ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُل مِنَ الْمَرْأَةِ مُسْتَحِيلٌ، وَخُرُوجَ الْحَيْضِ مِنَ الرَّجُل مُسْتَحِيلٌ، فَكَانَ خُرُوجُ أَيٍّ مِنْهُمَا دَلِيلاً عَلَى تَعْيِينِ كَوْنِ الْخُنْثَى أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا، فَإِذَا ثَبَتَ التَّعْيِينُ لَزِمَ كَوْنُهُ دَلِيلاً عَلَى الْبُلُوغِ، كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ قَبْل خُرُوجِهِ؛ وَلأَِنَّهُ مَنِيٌّ خَارِجٌ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ حَيْضٌ خَارِجٌ مِنْ فَرْجٍ، فَكَانَ عَلَمًا عَلَى الْبُلُوغِ، كَالْمَنِيِّ الْخَارِجِ مِنَ الْغُلاَمِ، وَالْحَيْضِ الْخَارِجِ مِنَ الْجَارِيَةِ. قَال: وَلأَِنَّهُمْ سَلَّمُوا أَنَّ خُرُوجَهُمَا مَعًا دَلِيل الْبُلُوغِ، فَخُرُوجُ أَحَدِهِمَا أَوْلَى؛ لأَِنَّ خُرُوجَهُمَا مَعًا يَقْتَضِي تَعَارُضَهُمَا


(١) نهاية المحتاج ٤ / ٣٤٩.