للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنَاسِكَكُمْ، (١) وَلأَِنَّ الْبَيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ إِظْهَارِ الْمُرَادِ. فَرُبَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِالْفِعْل أَبْلَغَ مِنْهُ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْحَلْقِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا ثُمَّ لَمَّا رَأَوْهُ حَلَقَ بِنَفْسِهِ حَلَقُوا فِي الْحَال. (٢) فَعَرَفْنَا أَنَّ إِظْهَارَ الْمُرَادِ يَحْصُل بِالْفِعْل كَمَا يَحْصُل بِالْقَوْل.

وَقَال الْكَرْخِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لاَ يَكُونُ الْبَيَانُ إِلاَّ بِالْقَوْل، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ بَيَانَ الْمُجْمَل لاَ يَكُونُ إِلاَّ مُتَّصِلاً، وَالْفِعْل لاَ يَكُونُ مُتَّصِلاً بِالْقَوْل. (٣) وَلِلتَّفْصِيل انْظُرِ الْمُلْحَقَ الأُْصُولِيَّ.

أَنْوَاعُ الْبَيَانِ

٥ - قَال الْبَزْدَوِيُّ: الْبَيَانُ عَلَى أَوْجُهٍ: بَيَانُ تَقْرِيرٍ، وَبَيَانُ تَفْسِيرٍ، وَبَيَانُ تَغْيِيرٍ، وَبَيَانُ تَبْدِيلٍ، وَبَيَانُ ضَرُورَةٍ، فَهِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ. (٤)

وَتَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَى أَنَّ إِضَافَةَ الْبَيَانِ إِلَى التَّقْرِيرِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيل مِنْ قَبِيل إِضَافَةِ الْجِنْسِ إِلَى نَوْعِهِ كَعِلْمِ الطِّبِّ، أَيْ بَيَانٌ هُوَ تَقْرِيرٌ، وَكَذَا الْبَاقِي، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الضَّرُورَةِ مِنْ قَبِيل إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى سَبَبِهِ. (٥)


(١) حديث: " خذوا عني مناسككم " أخرجه مسلم (٢ / ٩٤٣ ـ ط الحلبي) وأحمد (٣ / ٣١٨ ـ ط الميمنية) واللفظ لأحمد.
(٢) حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالحلق عام الحديبية أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٣٣٢ ط السلفية) .
(٣) أصول السرخسي ٢ / ٢٧، وإرشاد الفحول ص ١٧٣.
(٤) أصول البزدوي ٣ / ١٠٥.
(٥) كشف الأسرار ٣ / ١٠٦.