للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّوْعُ الرَّابِعُ: هُوَ السُّكُوتُ الَّذِي جُعِل بَيَانًا لِضَرُورَةِ الْكَلاَمِ كَمَا إِذَا قَال رَجُلٌ: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ، أَوْ مِائَةٌ وَدِينَارٌ، فَإِنَّ الْعَطْفَ جُعِل بَيَانًا لِلأَْوَّل، وَجُعِل الأَْوَّل مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ. بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ.

وَقَال الشَّافِعِيُّ: يَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ، وَالْقَوْل فِي بَيَانِ جِنْسِ الْمِائَةِ قَوْل الْمُقِرِّ؛ لأَِنَّهَا مُجْمَلَةٌ فَإِلَيْهِ بَيَانُهَا، وَالْعَطْفُ لاَ يَصْلُحُ بَيَانًا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لَهُ. (١)

تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ:

كُل مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْبَيَانِ مِنْ مُجْمَلٍ وَعَامٍّ، وَمَجَازٍ وَمُشْتَرَكٍ، وَفِعْلٍ مُتَرَدِّدٍ وَمُطْلَقٍ، إِذَا تَأَخَّرَ بَيَانُهُ فَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

١١ - الْوَجْهُ الأَْوَّل: أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي إِذَا تَأَخَّرَ الْبَيَانُ عَنْهُ لَمْ يَتَمَكَّنِ الْمُكَلَّفُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَا تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ، وَذَلِكَ فِي الْوَاجِبَاتِ الْفَوْرِيَّةِ. فَهَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّأْخِيرِ لاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الإِْتْيَانَ بِالشَّيْءِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ مُمْتَنِعٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْقَائِلِينَ بِمَنْعِ التَّكْلِيفِ بِمَا لاَ يُطَاقُ.

وَأَمَّا مَنْ جَوَّزَ التَّكْلِيفَ بِمَا لاَ يُطَاقُ فَهُوَ يَقُول بِجَوَازِهِ عَقْلاً، لاَ بِوُقُوعِهِ، فَكَانَ عَدَمُ الْوُقُوعِ مُتَّفَقًا


(١) كشف الأسرار ٣ / ١٥٢، أصول السرخسي ٢ / ٥٢.