للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَارِهِ، أَوْ يَبْنِيَ حَمَّامًا، أَوْ تَنُّورًا، أَوْ أَنْ يَعْمَل دُكَّانَ حِدَادَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنَ الْمِهَنِ الَّتِي يَتَأَذَّى مِنْهَا جَارُ الْبَيْتِ.

أَمَّا فِي الْمَرَافِقِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ، كَالْجِدَارِ الْفَاصِل بَيْنَهُمَا، فَلَهُ حَالَتَانِ: إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِمِلْكِهِ أَحَدُهُمَا، وَيَكُونُ سَاتِرًا لِلآْخِرِ فَقَطْ. فَلَيْسَ لِلآْخِرِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَضُرُّ مُطْلَقًا. فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَضْعُ الأَْخْشَابِ، أَوْ مَدُّ الْجُسُورِ، أَوْ بِنَاءُ الْعُقُودِ، وَنَحْوُهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَضُرُّ الْجِدَارَ وَتُؤَثِّرُ فِي تَحَمُّلِهِ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ (١) ؛ وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) ؛ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ. (٢)

أَمَّا إِذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لاَ يَضُرُّ الْجِدَارَ وَلاَ يُضْعِفُهُ، فَيَجُوزُ، بَل يُنْدَبُ لِصَاحِبِهِ الإِْذْنُ لِجَارِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْرْفَاقِ بِالْجَارِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِ.

وَالتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ارْتِفَاقٌ. جِوَارٌ) .


(١) المغني ٥ / ٣٦، وروضة الطالبين ٤ / ٢١١.
(٢) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. . . " أخرجه أحمد (٥ / ٧٢) ط المكتب الإسلامي، والبيهقي (٦ / ١٠٠) نشر دار المعرفة. وعزاه الزيلعي إلى الدارقطني، وقال: إسناده جيد (انظر نصب الراية) (٤ / ١٦٩ ط دار المأمون) .