للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَال: عَمَل الرَّجُل بِيَدِهِ، وَكُل بَيْعٍ مَبْرُورٍ (١) وَكَذَلِكَ فِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِقْرَارُهُ أَصْحَابَهُ عَلَيْهِ.

وَالإِْجْمَاعُ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ.

أَمَّا الْمَعْقُول: فَلأَِنَّ الْحِكْمَةَ تَقْتَضِيهِ، لِتَعَلُّقِ حَاجَةِ الإِْنْسَانِ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَلاَ سَبِيل إِلَى الْمُبَادَلَةِ إِلاَّ بِعِوَضٍ غَالِبًا، فَفِي تَجْوِيزِ الْبَيْعِ وُصُولٌ إِلَى الْغَرَضِ وَدَفْعٌ لِلْحَاجَةِ (٢) .

هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الأَْصْلِيُّ لِلْبَيْعِ، وَلَكِنْ قَدْ تَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ أُخْرَى، فَيَكُونُ مَحْظُورًا إِذَا اشْتَمَل عَلَى مَا هُوَ مَمْنُوعٌ بِالنَّصِّ، لأَِمْرٍ فِي الصِّيغَةِ، أَوِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَكَمَا يَحْرُمُ الإِْقْدَامُ عَلَى مِثْل هَذَا الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ صَحِيحًا، بَل يَكُونُ بَاطِلاً أَوْ فَاسِدًا عَلَى الْخِلاَفِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَيَجِبُ فِيهِ التَّرَادُّ. عَلَى تَفْصِيلٍ يُعْرَفُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) وَفِي أَفْرَادِ الْبُيُوعِ الْمُسَمَّاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَفِي مُصْطَلَحَيْ (الْبَيْعُ الْبَاطِل، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ) .

وَقَدْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْكَرَاهَةَ، وَهُوَ مَا فِيهِ نَهْيٌ غَيْرُ جَازِمٍ وَلاَ يَجِبُ فَسْخُهُ، وَمَثَّل لَهُ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِبَيْعِ السِّبَاعِ لاَ لأَِخْذِ جُلُودِهَا (٣) .


(١) حديث: ". . . عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور. . . " أخرجه أحمد ٤ / ١٤١ ط الميمنية، وأورده الهيثمي في المجمع ٤ / ٦٠ ط القدسي، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه المسعودي وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
(٢) المغني والشرح الكبير ٤ / ٣، وكشاف القناع ٣ / ١٤٥، والمقدمات لابن رشد الجد ٣ / ٢١٣، وفتح القدير ٥ / ٧٣.
(٣) المراجع السابقة.