للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْتَبَرُوا التَّلَفَ بِفِعْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ قَصْدٍ أَوْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَوْ بِتَقْصِيرٍ أَوْ دُونِهِ، مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، تَابَعُوا فِي ذَلِكَ عُمَرَ وَعَلِيًّا، حِفْظًا لأَِمْوَال النَّاسِ. وَمِثْل ذَلِكَ إِذَا كَانَ التَّلَفُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ. وَكَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ دَفْعُهُ كَالسَّرِقَةِ الْعَادِيَّةِ وَالْحَرِيقِ الْعَادِيِّ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَمُتَقَدِّمُو الْمَالِكِيَّةِ وَزُفَرُ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ التَّضْمِينِ. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا. (١)

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى الضَّمَانِ إِذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ، أَوْ بِفِعْل تِلْمِيذِهِ، سَوَاءٌ قَصَدَ أَوْ لاَ؛ لأَِنَّهُ مُضَافٌ إِلَى فِعْلِهِ، وَهُوَ لَمْ يُؤْمَرْ إِلاَّ بِعَمَلٍ فِيهِ صَلاَحٌ، وَعَمَل التِّلْمِيذِ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، وَإِلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، إِذَا كَانَ بِفِعْل غَيْرِهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ.

وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى تَضْمِينِ الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال.

١٣٤ - وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الأَْجِيرِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ هَلَكَتْ بَعْدَ الْعَمَل فَالْمُكْتَرِي بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولاً، وَيَحُطُّ الأُْجْرَةَ مِنَ الضَّمَانِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ. وَإِنْ كَانَ الْهَلاَكُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ حَصَل قَبْل الْعَمَل ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ. وَهُوَ لَمْ يَعْمَل شَيْئًا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا عَلَيْهِ. وَهَذَا مَا اتَّجَهَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ. (٢)


(١) البدائع ٤ / ٢١١، ٢١٢، والهداية ٣ / ٢٤٤، والفتاوى الهندية ٤ / ٥٠٠، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٤٠، والمهذب ١ / ٤١٥، وحاشية القليوبي ٣ / ٨١، والمغني ٦ / ١٠٧ فما بعدها، وكشاف القناع ٤ / ٢٦، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٨، وشرح الخرشي ٧ / ٢٨، والشرح الصغير ٤ / ٤١، والفروق ٤ / ٣٠ الفرق ٢١٧
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٥٠٠، والمغني ٦ / ١٠٩