للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَيْعُ، وَإِلاَّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْخُلْفِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يُثْبِتُونَ لِلْمُشْتَرِي هُنَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ سَبْقِ وَصْفِهِ أَوْ عَدَمِهِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (خِيَارُ الْوَصْفِ، وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ) .

لَكِنْ إِنْ تَمَّ الشِّرَاءُ عَلَى أَسَاسِ النَّمُوذَجِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَبِيعُ عَنْهُ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ (١) .

وَبَيْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْوَصْفِ صَحِيحٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فِي الْجُمْلَةِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) فَقَدْ أَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَلَوْ لَمْ يَسْبِقْ وَصْفُهُ. وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ لاَ بُدَّ مِنَ الْوَصْفِ لأَِنَّ لِلْمُشْتَرِي هُنَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ عَلَى كُل حَالٍ، سَوَاءٌ مَعَ الْوَصْفِ وَالْمُطَابَقَةِ، أَوِ الْمُخَالَفَةِ، وَمَعَ عَدَمِ الْوَصْفِ. وَهُوَ خِيَارٌ حُكْمِيٌّ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى اشْتِرَاطٍ (٢) . وَأَجَازَهُ الْحَنَابِلَةُ مَعَ الْوَصْفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ، وَقَصَرُوا الْخِيَارَ عَلَى حَال عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ (٣) .

وَأَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِثَلاَثَةِ شُرُوطٍ:

أ - أَلاَّ يَكُونَ قَرِيبًا جِدًّا بِحَيْثُ تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ؛ لأَِنَّ بَيْعَهُ غَائِبًا فِي هَذِهِ الْحَال عُدُولٌ عَنِ الْيَقِينِ إِلَى تَوَقُّعِ الضَّرَرِ فَلاَ يَجُوزُ.

ب - أَلاَّ يَكُونَ بَعِيدًا جِدًّا، لِتَوَقُّعِ تَغَيُّرِهِ قَبْل التَّسْلِيمِ، أَوْ لاِحْتِمَال تَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ.

ج - أَنْ يَصِفَهُ الْبَائِعُ بِصِفَاتِهِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ


(١) المجلة مادة (٣٢٣ - ٣٣٥) .
(٢) المراجع السابقة للحنفية.
(٣) المغني ٣ / ٥٨٠ - ٥٨٣، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ١٤٦.