للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤٤ - وَإِنِ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ مِنَ الْعِلاَجِ مَعَ بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الأَْجْرَ مَا دَامَ قَدْ سَلَّمَ نَفْسَهُ وَمَضَى زَمَنُ الْمُعَالَجَةِ؛ لأَِنَّ الإِْجَارَةَ عَقْدٌ لاَزِمٌ، وَقَدْ بَذَل الأَْجِيرُ مَا عَلَيْهِ. وَيَمْلِكُ الطَّبِيبُ الأُْجْرَةَ مَا دَامَ قَدْ قَامَ بِالْمُعْتَادِ.

١٤٥ - وَلاَ تَجُوزُ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى الْجَوَازَ، وَقَال: إِنَّهُ الصَّحِيحُ، لَكِنْ يَكُونُ جِعَالَةً لاَ إِجَارَةً، إِذِ الإِْجَارَةُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ مُدَّةٍ أَوْ عَمَلٍ مَعْلُومٍ. وَقَال: إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ حِينَ رَقَى الرَّجُل شَارَطَهُ عَلَى الْبُرْءِ. (١) وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ، فَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ. لَوْ شَارَطَهُ طَبِيبٌ عَلَى الْبُرْءِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ الأَْجْرَ إِلاَّ بِحُصُولِهِ. (٢) وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الطَّبِيبِ إِلاَّ بِالتَّفْرِيطِ مَا دَامَ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يُخْطِئْ، وَإِلاَّ ضَمِنَ. (٣)

١٤٦ - وَإِذَا زَال الأَْلَمُ، وَشُفِيَ الْمَرِيضُ قَبْل مُبَاشَرَةِ الطَّبِيبِ، كَانَ عُذْرًا تَنْفَسِخُ بِهِ الإِْجَارَةُ. يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِذَا سَكَنَ الضِّرْسُ الَّذِي اسْتُؤْجِرَ الطَّبِيبُ لِخَلْعِهِ فَهَذَا عُذْرٌ تَنْفَسِخُ بِهِ الإِْجَارَةُ. وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ حَتَّى مَنْ لَمْ يَعْتَبِرُوا الْعُذْرَ مُوجِبًا لِلْفَسْخِ، فَقَدْ نَصَّ كُلٌّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً لِيَقْلَعَ لَهُ ضِرْسًا، فَسَكَنَ الْوَجَعُ، أَوْ لِيُكَحِّل لَهُ عَيْنًا، فَبَرِئَتِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ


(١) المغني ٦ / ١٢٣
(٢) الشرح الصغير ٤ / ٧٥
(٣) حاشية القليوبي ٣ / ٧٠، ٧٣، ٧٨، ونهاية المحتاج ٥ / ٢٦٧، ٢٧٠، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٨، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٩٩، ٥٠٥، وكشاف القناع ٤ / ٢٧، والمغني ٦ / ١٢٥