للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (١)

الإِْجَارَةُ عَلَى حَفْرِ الآْبَارِ:

١٤٧ - الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُنَا فِيهِ نَوْعُ جَهَالَةٍ؛ لأَِنَّ الأَْجِيرَ لاَ يَعْلَمُ مَا يُصَادِفُهُ أَثْنَاءَ الْحَفْرِ. وَلِهَذَا فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مَعْرِفَةَ الأَْرْضِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْحَفْرُ؛ لأَِنَّ الْحَفْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِهَا، وَمَعْرِفَةَ مِسَاحَةِ الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ حَفْرُهُ طُولاً وَعَرْضًا وَعُمْقًا. وَأَجَازُوا تَقْدِيرَ الإِْجَارَةِ عَلَى الْحَفْرِ بِالْمُدَّةِ أَوْ بِالْعَمَل.

وَالْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي بَيَانَ الْمَوْضِعِ وَطُول الْبِئْرِ وَعُمْقِهِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ بِوَسَطِ مَا يَعْمَل النَّاسُ. (٢)

١٤٨ - وَإِنْ بَيَّنَ لَهُ مَوْضِعَ الْحَفْرِ، وَحَدَّدَ لَهُ الْمِقْدَارَ الْمَطْلُوبَ حَفْرُهُ، فَوَجَدَ الأَْجِيرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَل أَنَّ الأَْرْضَ صُلْبَةٌ وَتَحْتَاجُ إِلَى مَئُونَةٍ أَشَدَّ عَمَلاً وَآلاَتٍ خَاصَّةٍ، فَإِنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَيَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَيَسْتَحِقُّ أَجْرًا بِمِقْدَارِ مَا حَفَرَ. وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ. وَلَوْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي مِلْكِهِ، فَظَهَرَ الْمَاءُ قَبْل أَنْ يَبْلُغَ الْمُنْتَهَى الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْحَفْرُ فِي الْمَاءِ بِالآْلَةِ الَّتِي يَحْفِرُ بِهَا الآْبَارَ أُجْبِرَ عَلَى الْحَفْرِ، وَإِنِ احْتِيجَ إِلَى اتِّخَاذِ آلَةٍ أُخْرَى لاَ يُجْبَرُ.

١٤٩ - كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بَعْضَ الْبِئْرِ، وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهَا مِنَ الأَْجْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ


(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٥٠، والمهذب ١ / ٤٠٦، وكشاف القناع ٢ / ٣٠٢
(٢) الفتاوى الهندية ٤ / ٤٥١، ٤٥٢، وحاشية الدسوقي ٤ / ١٧، والمهذب ١ / ٣٩٨، وكشاف القناع ٤ / ٦