للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَيْعُ إِلَى النَّيْرُوزِ وَالْمَهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إِذَا جَهِل الْمُتَبَايِعَانِ ذَلِكَ فَاسِدٌ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ إِلَى الْحَصَادِ وَالْقِطَافِ وَالدِّيَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ لِجَهَالَةِ الأَْجَل، وَهِيَ تَقْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَإِنْ أَسْقَطَ الأَْجَل قَبْل حُلُولِهِ جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، خِلاَفًا لِزُفَرَ حَيْثُ قَال: الْفَاسِدُ لاَ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا (١) .

١٩ - هَذَا، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ: الْبَيْعُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، أَوْ بَيْعُهُمَا مُقَايَضَةً بِالْعَيْنِ، فَإِذَا قُوبِلاَ بِالْعَيْنِ كَمَا إِذَا اشْتَرَى الثَّوْبَ بِالْخَمْرِ، أَوْ بَاعَ الْخَمْرَ بِالثَّوْبِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، أَمَّا إِنْ قُوبِلاَ بِالدَّيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ.

وَوَجْهُ الْفَرْقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ: أَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ مَالٌ عِنْدَ أَهْل الذِّمَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوَّمٍ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِإِهَانَتِهِ وَتَرْكِ إِعْزَازِهِ، وَفِي تَمَلُّكِهِ بِالْعَقْدِ إِعْزَازٌ لَهُ، وَهَذَا لأَِنَّهُ مَتَى اشْتَرَاهَا بِالدَّرَاهِمِ فَالدَّرَاهِمُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، لِكَوْنِهَا وَسِيلَةً لِمَا أَنَّهَا تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْخَمْرُ، فَسَقَطَ التَّقَوُّمُ أَصْلاً فَبَطَل الْعَقْدُ، بِخِلاَفِ مُشْتَرِي الثَّوْبِ بِالْخَمْرِ لأَِنَّ فِيهِ إِعْزَازًا لِلثَّوْبِ دُونَ الْخَمْرِ. وَكَذَا إِذَا بَاعَ الْخَمْرَ بِالثَّوْبِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ


(١) ابن عابدين ٤ / ١٠٦، ١٠٩، ١١٠، ١١٩، ١٢٢