للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلأَِنَّ رُكْنَ التَّمْلِيكِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ، صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُخَاطَبُ مُضَافًا إِلَى مَحَلِّهِ وَهُوَ الْمَال عَنْ وِلاَيَةٍ، إِذِ الْكَلاَمُ فِيهِمَا، فَيَنْعَقِدُ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى الْمَصَالِحِ، وَالْفَسَادُ لِمَعْنًى يُجَاوِرُهُ، كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ، وَالنَّهْيُ لاَ يَنْفِي الاِنْعِقَادَ بَل يُقَرِّرُهُ، لأَِنَّهُ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ النَّهْيَ عَمَّا لاَ يُتَصَوَّرُ، وَعَنْ غَيْرِ الْمَقْدُورِ قَبِيحٌ، إِلاَّ أَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكًا خَبِيثًا لِمَكَانِ النَّهْيِ (١) .

وَاشْتَرَطُوا لإِِفَادَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْمِلْكَ شَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَبْضُ، فَلاَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ قَبْل الْقَبْضِ، لأَِنَّهُ وَاجِبُ الْفَسْخِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ، وَفِي وُجُوبِ الْمِلْكِ قَبْل الْقَبْضِ تَقَرَّرَ الْفَسَادُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، فَإِنْ قَبَضَ بِغَيْرِ إِذْنٍ لاَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ (٢) .

٢٣ - هَذَا، وَاخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي كَيْفِيَّةِ حُصُول الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا. قَال بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ لَهُ، لاَ بِاعْتِبَارِ تَمَلُّكِ الْعَيْنِ، وَلِهَذَا لاَ يَجُوزُ أَكْل طَعَامٍ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ جَوَازَ التَّصَرُّفِ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْعَيْنِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا إِذَا اشْتَرَى دَارًا بِشِرَاءٍ


(١) الاختيار لتعليل المختار للموصلي ٢ / ٢٢
(&# x٦٦٢ ;) البدائع ٥ / ٣٠٤