للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَيْهِ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ.

الثَّانِي: أَنَّ الإِْجَازَةَ تَلْحَقُهَا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الإِْمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْغَاصِبَ إِذَا أَعْطَى الْمَغْصُوبَ لأَِجْنَبِيٍّ بِأَيِّ تَصَرُّفٍ فَأَجَازَ الْمَالِكُ ذَلِكَ، فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى عَدَمِ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَأَنَّهُ لاَ يَزَال ضَامِنًا إِذِ الأَْصْل عِنْدَهُ أَنَّ الإِْجَازَةَ لاَ تَلْحَقُ الأَْفْعَال. وَالْمَفْهُومُ مِنْ بَعْضِ فُرُوعِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَعَلَّل الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّ الرِّضَا بِتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ لاَ يَجْعَل يَدَهُ يَدَ أَمَانَةٍ. وَعَلَّل الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ حَرَامٌ، وَلاَ يَمْلِكُ أَحَدٌ إِجَازَةَ تَصَرُّفٍ حَرَامٍ. وَذَهَبَ الإِْمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّ إِجَازَةَ الْمَالِكِ لِتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ صَحِيحَةٌ وَتُبَرِّئُ ذِمَّتَهُ وَتُسْقِطُ عَنْهُ الضَّمَانَ وَالْقَاعِدَةُ عِنْدَهُ أَنَّ الإِْجَازَةَ تَلْحَقُ الأَْفْعَال. وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُهُمْ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَحْمَدَ (١) .

١٣ - وَاتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الإِْجَازَةَ لاَ تَلْحَقُ أَفْعَال الإِْتْلاَفِ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَال الصَّغِيرِ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ إِتْلاَفٌ، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ كَانَ


(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ١٢٦، وحاشية الطحطاوي على الدر ٢ / ١٠٩ ط بيروت، والحطاب ٥ / ٢٩٠ ط ليبيا، والأم ٣ / ٢٥٢، والقواعد لابن رجب ص ٤١٨ ط دار المعرفة بلبنان، وكشاف القناع ٤ / ٩٥ ط أنصار السنة.