للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِنَّ الأَْصْل تَحْرِيمُهُ، لِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَانِمِينَ، كَسَائِرِ الْمَال، وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ مَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، فَمَا زَادَ يَبْقَى عَلَى أَصْل التَّحْرِيمِ، وَلِهَذَا لَمْ يُبَحْ بَيْعُهُ (١) .

وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ هَذَا الأَْثَرَ، وَهُوَ: أَنَّ صَاحِبَ جَيْشِ الشَّامِ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّا أَصَبْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ فِي شَيْءٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: دَعِ النَّاسَ يَعْلِفُونَ وَيَأْكُلُونَ، فَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَفِيهِ خُمُسٌ لِلَّهِ وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ (٢)

وَفَصَّل الْقَاضِي مِنْ أَئِمَّتِهِمْ تَفْصِيلاً دَقِيقًا، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدِ ارْتَضَوْهُ، فَقَال: لاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَازٍ أَوْ غَيْرِهِ.

- فَإِنْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُ يَبِيعُ مَال الْغَنِيمَةِ بِغَيْرِ وِلاَيَةٍ وَلاَ نِيَابَةٍ، فَيَجِبُ رَدُّ الْمَبِيعِ، وَنَقْضُ الْبَيْعِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، رَدَّ قِيمَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ، إِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ إِلَى الْمَغْنَمِ.

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ حُمِل كَلاَمُ الْخِرَقِيِّ

- وَإِنْ بَاعَهُ لِغَازٍ لَمْ يَحِل، إِلاَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ بِطَعَامٍ أَوْ عَلَفٍ، مِمَّا لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:


(١) المرجع السابق نفسه ١٠ / ٤٨٧، والشرح الكبير في ذيله ١٠ / ٤٧٢.
(٢) المغني ١٠ / ٤٨٨ وقال: رواه سعيد.