للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَبْدُو أَنَّ تَحْدِيدَ الأَْذْرُعِ لَيْسَ لَهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ فِي أَيَّامِهِمْ؛ لأَِنَّ الثَّوْبَ فِي زَمَانِهِمْ، يُطْلَقُ عَلَى مَا يَكْفِي كِسَاءً وَاحِدًا، فَلاَ تَضُرُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ، وَلاَ تَخْتَلِطُ بِمِلْكِ الْبَائِعِ، بِخِلاَفِ الأَْثْوَابِ وَالأَْقْمِشَةِ فِي أَيَّامِنَا، حَيْثُ تُقْتَطَعُ مِنْهَا أَذْرُعٌ لِتُخَاطَ ثِيَابًا، فَإِنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالثَّمَنِ، وَتُعْتَبَرُ مِنَ الْقَدْرِ.

وَمَعَ أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ أَطْلَقَ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ قَبْل إِعَادَةِ الْكَيْل، لَكِنَّ الشُّرَّاحَ فَسَّرُوهُ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ خَبَرُ آحَادٍ، لاَ تَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ الْقَطْعِيَّةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (١) .

وَمَعَ ذَلِكَ، فَلاَ يُقَال لآِكِلِهِ: إِنَّهُ أَكَل حَرَامًا، فَقَدْ نَصَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى أَنَّهُ: لَوْ أَكَلَهُ، وَقَدْ قَبَضَهُ بِلاَ كَيْلٍ، لاَ يُقَال: إِنَّهُ أَكَل حَرَامًا، لأَِنَّهُ أَكَل مِلْكَ نَفْسِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ آثِمٌ، لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْكَيْل.

٥٠ - وَمَعَ أَنَّ الْبَيْعَ قَبْل إِعَادَةِ الْكَيْل مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ صَرَّحُوا بِفَسَادِهِ.

وَهَذِهِ عِبَارَةُ الإِْمَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَال: إِذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا مِمَّا يُكَال أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ، فَاشْتَرَيْتَ مَا يُكَال كَيْلاً، وَمَا يُوزَنُ وَزْنًا، وَمَا يُعَدُّ عَدًّا، فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَكِيلَهُ وَتَزِنَهُ وَتَعُدَّهُ، فَإِنْ بِعْتَهُ قَبْل أَنْ تَفْعَل، وَقَدْ قَبَضَتْهُ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكَيْل وَالْوَزْنِ (٢) .


(١) الدر المختار ورد المحتار ٤ / ١٦٣
(٢) ابن عابدين ٤ / ١٦٣، وفتح القدير ٦ / ١٤٠