للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٤ - وَلَمْ يُوَاجِهِ الْحَنَفِيَّةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَهِيَ اشْتِرَاطُ بُدُوِّ صَلاَحِ كُل الثَّمَرِ لِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَلاَ التَّفْصِيلاَتِ الَّتِي تَنْدَرِجُ فِيهَا؛ لأَِنَّ مَذْهَبَهُمْ فِي أَصْلِهَا، وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْل بُدُوِّ صَلاَحِهِ (وَكَذَا الْحَبُّ وَنَحْوُهُ) أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَوْ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَهْل الْمَذْهَبِ إِذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا، وَيَجِبُ قَطْعُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْحَال.

وَكُل الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ خِلاَفِ الأَْئِمَّةِ الثَّلاَثَةِ فِي اشْتِرَاطِ صَلاَحِ كُل الثَّمَرِ، وَصَلاَحِ كُل الْحَبِّ، إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَكُلُّهُ جَائِزُ الْبَيْعِ عِنْدَهُمْ.

وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِيمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَكْلاً وَلاَ عَلَفًا، قَبْل بُدُوِّ الصَّلاَحِ:

فَذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ (وَشَيْخُ الإِْسْلاَمِ خُوَاهَرْ زَادَهْ) إِلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ، لِلنَّهْيِ وَعَدَمِ التَّقَوُّمِ،

وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ - وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْمَرْغِينَانِيِّ - جَوَازُ بَيْعِهِ أَيْضًا، لأَِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ مَآلاً، وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ حَالاً، بِاعْتِبَارِهِ مَالاً (١) .

لِهَذَا لَمْ يَبْحَثِ الْحَنَفِيَّةُ شَرْطِيَّةَ بُدُوِّ صَلاَحِ كُل


(١) الهداية وشروحها ٥ / ٤٨٨ و ٤٨٩، وتبيين الحقائق ٤ / ١٢