للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ عَادَةٌ، وَفِي نَزْعِ النَّاسِ مِنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الْوَرْدِ عَلَى الأَْشْجَارِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَرْدَ لاَ يَتَفَتَّحُ جُمْلَةً، بَل يَتَلاَحَقُ بَعْضُهُ إِثْرَ بَعْضٍ (١) .

وَبَدَا مِنْ هَذَا أَنَّ جَوَازَ بَيْعِ الْمُتَلاَحِقَاتِ هُوَ مِنْ قَبِيل اسْتِحْسَانِ الضَّرُورَةِ، عِنْدَ مَنْ أَفْتَى بِهِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَالَّذِينَ ذَهَبُوا مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ تَمَسَّكُوا بِالنُّصُوصِ، وَنَفَوُا الضَّرُورَةَ هُنَا:

- لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ الأُْصُول.

- أَوْ يَشْتَرِيَ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إِلَى وَقْتِ وُجُودِهِ.

- أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَيُبِيحُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الاِنْتِفَاعَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ. وَلِهَذَا قَرَّرُوا أَنَّهُ لاَ ضَرُورَةَ إِلَى تَجْوِيزِ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ، وَهُوَ: النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ. (٢)

وَفِي هَذَا يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: لاَ يَخْفَى تَحَقُّقُ الضَّرُورَةِ فِي زَمَانِنَا، وَلاَ سِيَّمَا فِي مِثْل دِمَشْقِ الشَّامِ، كَثِيرَةِ الأَْشْجَارِ وَالثِّمَارِ، فَإِنَّهُ


(١) القوانين الفقهية (١٧٣) ، والشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي ٣ / ١٨٧. قارن بالدر المختار ورد المحتار ٤ / ٣٨ و ٣٩، وتبيين الحقائق ٤ / ١٢، وشرح الكفاية على الهداية ٥ / ٤٨٩، وفتح القدير ٥ / ٤٩٢
(٢) تبيين الحقائق ٤ / ١٢، وانظر رد المحتار ٤ / ٣٩.