للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ تَشْتَرُوا السَّمَكَ فِي الْمَاءِ، فَإِنَّهُ غَرَرٌ (١) .

وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْل اصْطِيَادِهِ، كَمَا لاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ إِذَا صِيدَ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي الْمَاءِ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ أَخْذُهُ إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ، وَأَنَّهُ فَاسِدٌ، لأَِنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُمْلَكْ، وَفِيهِ غَرَرٌ كَثِيرٌ فَلاَ يُغْتَفَرُ إِجْمَاعًا، وَلأَِنَّهُ لاَ يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِلاَّ بَعْدَ اصْطِيَادِهِ، فَأَشْبَهَ الطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ، كَمَا أَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُهُ، كَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ (٢) .

وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ بَاطِلٌ - بِاصْطِلاَحِهِمْ فِيهِ - وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ، إِذَا بِيعَ بِعَرْضٍ؛ لأَِنَّ السَّمَكَ يَكُونُ حِينَئِذٍ ثَمَنًا وَالْعَرَضُ مَبِيعًا، وَاذَا دَخَلَتِ الْجَهَالَةُ عَلَى الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، وَلَمْ يَكُنْ بَاطِلاً. فَإِنْ بِيعَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَهُوَ بَاطِلٌ، لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ، إِذْ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ السَّمَكِ حِينَئِذٍ مَبِيعًا، وَالدَّرَاهِمُ أَوِ الدَّنَانِيرُ ثَمَنًا.

وَفِيهِ صُوَرٌ مِنَ الْجَوَازِ بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ


(١) حديث: " لا تشتروا السمك في الماء. . . . " أخرجه أحمد (١ / ٣٨٨ ط الميمنية) وصوب الدارقطني والخطيب وقفه. (التلخيص لابن حجر ٣ / ٧ ط شركة الطباعة الفنية)
(٢) تبيين الحقائق ٤ / ٤٥، والشرح الكبير للدردير ٣ / ٦٠، وانظر الإشارة إلى نظيره في شرح الخرشي ٥ / ٦٩، ٧٥، والمغني ٤ / ٢٧٢