للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (١) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا نَهْيٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ.

وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِحَدِيثِ لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ: بِعَيْنِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ، وَآكِل ثَمَنِهَا، وَشَارِبِهَا، وَسَاقِيهَا (٢) .

وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل كَمَا يَقُول عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: أَنَّهُ يَدُل عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَبُّبِ إِلَى الْحَرَامِ (٣) .

وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ قَيِّمًا كَانَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَرْضٍ لَهُ، فَأَخْبَرَهُ عَنْ عِنَبٍ أَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ زَبِيبًا، وَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يُبَاعَ إِلاَّ لِمَنْ يَعْصِرُهُ، فَأَمَرَهُ بِقَلْعِهِ، وَقَال: بِئْسَ الشَّيْخُ أَنَا إِنْ بِعْتُ الْخَمْرَ. وَلأَِنَّهُ يُعْقَدُ الْبَيْعُ عَلَى عَصْرٍ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ لِلْمَعْصِيَةِ، فَأَشْبَهَ إِجَارَةَ الرَّجُل أَمَتَهُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُهَا لِيَزْنِيَ بِهَا (٤) .

وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.


(١) سورة المائدة / ٢
(٢) حديث: " لعنت الخمر. . . " أخرجه ابن ماجه (٢ / ١١٢٢ ط الحلبي) من حديث ابن عمر، وصححه ابن السكن، التلخيص لابن حجر (٣ / ٧٢ ط شركة الطباعة الفنية)
(٣) انظر حاشية عميرة على شرح المحلي في ذيل حاشية القليوبي عليه ٢ / ١٨٤، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٣ / ٩٣.
(٤) المغني ٤ / ٢٨٤