للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُفْعَتَهُ، لَمْ يَكُنْ لِلآْخَرِ إِلاَّ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكُ الْجَمِيعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْبَعْضِ، وَهَذَا قَوْل مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لأَِنَّ فِي أَخْذِ الْبَعْضِ إِضْرَارًا بِالْمُشْتَرِي بِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَالضَّرَرُ لاَ يُزَال بِالضَّرَرِ.

وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّفِيعُ وَاحِدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الْمَبِيعِ لِذَلِكَ. فَإِنْ فَعَل سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَتَبَعَّضُ، فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهَا سَقَطَ جَمِيعُهَا كَالْقِصَاصِ. (١)

وَالأَْصْل فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةُ " مَا لاَ يَقْبَل التَّبْعِيضَ يَكُونُ اخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ، وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ كَإِسْقَاطِ كُلِّهِ ".

وَقَاعِدَةُ " مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لاَ يَجُوزُ فِيهِ التَّبْعِيضُ " قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ: وَالشَّفِيعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَالتَّرْكِ، فَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ بَعْضِ الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (٢)

وَكَذَلِكَ إِذَا وَجَدَ الشَّفِيعُ بَعْضَ ثَمَنِ الشِّقْصِ لاَ يَأْخُذُ قِسْطَهُ مِنَ الْمُثَمَّنِ (الْمَبِيعِ) طِبْقًا لِقَاعِدَةِ " إِنَّ بَعْضَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لاَ يَجِبُ قَطْعًا ".


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٥، والفروق للكرابيسي ٢ / ١١٩، والحطاب ٥ / ٣٢٧، ٣٢٨، وروضة الطالبين ٥ / ١٠٦، والمغني ٥ / ٣٦٦.
(٢) المنثور في القواعد للزركشي ١ / ٢٥٦.