للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْجُزْءَ الْغَائِبَ مَضْمُونٌ بِقِسْطِهِ مِنْ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْغَصْبِ إِلَى يَوْمِ التَّلَفِ، وَالنَّقْصُ الْحَاصِل بِتَفَاوُتِ السِّعْرِ فِي الْبَاقِي الْمَرْدُودِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِيمَا لاَ يُنْقِصُهُ التَّبْعِيضُ، وَأَمَّا فِيمَا يُنْقِصُهُ - كَأَنْ يَكُونَ ثَوْبًا يُنْقِصُهُ الْقَطْعُ - فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ تَعَيَّبَ الْمَال الْمَغْصُوبُ بِاسْتِهْلاَكِ بَعْضِهِ كَقَطْعِ يَدِ الشَّاةِ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ تَرْكِ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ.، بِخِلاَفِ قَطْعِ طَرَفِ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ إِذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَهَا، لاَ يُضَمِّنُهُ شَيْئًا، وَإِلاَّ غَرَّمَهُ كَمَال الْقِيمَةِ؛ لأَِنَّهُ فَوَّتَ جَمِيعَ مَنَافِعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا. (١)

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا الْكَلاَمَ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ: فَالتَّعَدِّي عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ إِنْ فَوَّتَ الْمَغْصُوبَ يُضْمَنُ جَمِيعُهُ، كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْبَةٍ، أَوْ أُذُنِهَا، وَكَذَا مَرْكُوبُ كُل مَنْ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لاَ يَرْكَبُ مِثْل ذَلِكَ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْكُوبِ وَالْمَلْبُوسِ، كَقَلَنْسُوَةِ الْقَاضِي وَطَيْلَسَانِهِ، وَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْهُ فَإِنْ كَانَ


(١) ابن عابدين ٥ / ١٢٣، والفروق للكرابيسي ٢ / ٨.