للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَمِيعِهِ لأَِنَّ الْمَعَرَّةَ عَنْهُ لَمْ تَزُل بِعَفْوِ صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَافِي الطَّلَبُ بِهِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ.

وَكَذَلِكَ بِالْعَفْوِ عَنْ بَعْضِهِ لاَ يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ.

وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ التَّبْعِيضِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ جَلَدَاتٌ مَعْرُوفَةُ الْعَدَدِ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ الشَّخْصَ لَوْ عَفَا بَعْدَ جَلْدِ بَعْضِهَا، سَقَطَ مَا بَقِيَ مِنْهَا، فَكَذَلِكَ إِذَا أَسْقَطَ مِنْهَا فِي الاِبْتِدَاءِ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ عَفَا بَعْضُ مُسْتَحِقِّي حَدِّ الْقَذْفِ عَنْ حَقِّهِ يَسْقُطُ نَصِيبُ الْعَافِي، وَيُسْتَوْفَى الْبَاقِي؛ لأَِنَّهُ مُتَوَزِّعٌ.

وَهُنَاكَ وَجْهٌ ثَالِثٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: أَنْ يَسْقُطَ جَمِيعُ الْحَدِّ كَالْقِصَاصِ. (١)

وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلاَ يَتَأَتَّى عِنْدَهُمْ هَذَا؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ عِنْدَهُمْ حَقُّ اللَّهِ، فَلاَ يَسْقُطُ كُلُّهُ وَلاَ بَعْضُهُ بِالْعَفْوِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَكَذَا إِذَا عَفَا قَبْل الرَّفْعِ إِلَى الْقَاضِي. (٢)

تَبْعِيضُ الصَّدَاقِ:

٣٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الصَّدَاقِ مُعَجَّلاً وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلاً؛ لأَِنَّهُ عِوَضٌ فِي


(١) الحطاب ٦ / ٣٠٥، وروضة الطالبين ٨ / ٣٢٦، والمغني ٨ / ٢٣٤، والأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٤٤.
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٧٣.