للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هِلاَلِيًّا، وَإِنْ عَيَّنَ شَهْرًا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ بِالْهِلاَل، وَإِنْ فَرَّقَ الاِعْتِكَافَ اسْتَأْنَفَهُ مُتَتَابِعًا. وَقَال زُفَرُ فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ: إِنْ شَاءَ فَرَّقَ الاِعْتِكَافَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَهُ. وَإِنْ نَوَى الأَْيَّامَ خَاصَّةً أَيْ دُونَ اللَّيْل صَحَّتْ نِيَّتُهُ؛ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الْيَوْمِ بَيَاضُ النَّهَارِ. (١)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ، يَلْزَمُ تَتَابُعُ الاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فِيمَا إِذَا كَانَ مُطْلَقًا، أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِتَتَابُعٍ وَلاَ عَدَمِهِ. وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ أَوْ ثَلاَثِينَ يَوْمًا فَلاَ يُفَرِّقُ ذَلِكَ. وَهَذَا بِخِلاَفِ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا أَوْ أَيَّامًا، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِي ذَلِكَ.

وَالْفَرْقُ: أَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يُؤَدَّى فِي النَّهَارِ دُونَ اللَّيْل فَكَيْفَمَا فَعَل أَصَابَ، مُتَتَابِعًا أَوْ مُفَرَّقًا. وَالاِعْتِكَافُ يَسْتَغْرِقُ الزَّمَانَيْنِ اللَّيْل وَالنَّهَارَ، فَكَانَ حُكْمُهُ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ.

وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ: الَّذِي لَمْ يَشْتَرِطْ فِي التَّتَابُعِ لَفْظًا، وَلَمْ يَحْصُل فِيهِ نِيَّةُ التَّتَابُعِ، وَلاَ نِيَّةُ عَدَمِهِ. فَإِنْ حَصَل فِيهِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عُمِل بِهَا. وَيَلْزَمُ الْمُعْتَكِفَ مَا نَوَاهُ مِنْ تَتَابُعٍ أَوْ تَفْرِيقٍ وَقْتَ الشُّرُوعِ، وَهُوَ حِينَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ؛ لأَِنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لاَ تُوجِبُ شَيْئًا. (٢)

وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: إِنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا


(١) فتح القدير ٢ / ١١٤ - ١١٥ ط صادر.
(٢) الخرشي على مختصر خليل ٢ / ٢٧١ - ٢٧٢.