للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقْصِدُونَ الْمُتَتَرَّسَ بِهِمْ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي عَدَمِ رَمْيِ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ خَوْفٌ عَلَى أَكْثَرِ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلِينَ لِلْكُفَّارِ، فَتَسْقُطُ حُرْمَةُ التُّرْسِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ أَمْ أَقَل، وَكَذَلِكَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِالصَّفِّ، وَكَانَ فِي تَرْكِ قِتَالِهِمُ انْهِزَامٌ لِلْمُسْلِمِينَ. (١)

وَعَلَى هَذَا فَإِنْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَتِيجَةَ الرَّمْيِ وَقُتِل، وَعُلِمَ الْقَاتِل، فَلاَ دِيَةَ وَلاَ كَفَّارَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ، وَالْغَرَامَاتُ لاَ تُقْرَنُ بِالْفَرَائِضِ، خِلاَفًا لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ يَقُول بِوُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ قَوْلاً وَاحِدًا. أَمَّا الدِّيَةُ فَفِيهَا عَنْهُمْ قَوْلاَنِ: فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ عَلِمَهُ الرَّامِي مُسْلِمًا، وَكَانَ يُمْكِنُ تَوَقِّيهِ وَالرَّمْيُ إِلَى غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ رَمْيُ الْكُفَّارِ إِلاَّ بِرَمْيِ الْمُسْلِمِ فَلاَ. (٢)

وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِوَايَةٍ لأَِنَّهُ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: لاَ دِيَةَ


(١) الحطاب ٣ / ٣٥١ ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٧٨ ط دار الفكر.
(٢) فتح القدير ٥ / ١٩٨، والمبسوط ١٠ / ٣١ - ٦٥، وشرح الروض ٤ / ١٩١، وروضة الطالبين ١٠ / ٢٤٦، وقد جعل صاحب نهاية المحتاج القيدين الواردين في الدية واردين في الكفارة أيضا، ونهاية المحتاج ٨ / ٤٣، والمغني ٨ / ٤٤٩ - ٤٥٠.