للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ. فَهُوَ يَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَأْجِيل الأَْثْمَانِ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى ذَلِكَ (١) .

حِكْمَةُ قَبُول الدَّيْنِ التَّأْجِيل دُونَ الْعَيْنِ:

٣٥ - نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الأَْعْيَانِ وَالدُّيُونِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّأْجِيل فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الأُْولَى: أَنَّ الأَْعْيَانَ مُعَيَّنَةٌ وَمُشَاهَدَةٌ، وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ وَمَوْجُودٌ، وَالْحَاصِل وَالْمَوْجُودُ لَيْسَ هُنَاكَ مَدْعَاةٌ لِجَوَازِ وُرُودِ الأَْجَل عَلَيْهِ. أَمَّا الدُّيُونُ: فَهِيَ مَالٌ حُكْمِيٌّ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، فَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ وَلاَ مَوْجُودَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَ جَوَازُ تَأْجِيلِهَا، رِفْقًا بِالْمَدِينِ، وَتَمْكِينًا لَهُ مِنَ اكْتِسَابِهَا وَتَحْصِيلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ، حَتَّى إِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَيَّنَ النُّقُودَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهَا.

الدُّيُونُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّأْجِيل وَعَدَمُهُ:

٣٦ - أَوْضَحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الدُّيُونَ تَكُونُ حَالَّةً، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إِذَا قَبِل الدَّائِنُ، وَاسْتَثْنَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الأَْصْل عِدَّةَ دُيُونٍ:

أ - رَأْسُ مَال السَّلَمِ:

٣٧ - وَذَلِكَ لأَِنَّ حَقِيقَتَهُ شِرَاءُ آجِلٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (وَهُوَ السِّلْعَةُ) ، بِعَاجِلٍ، وَهُوَ رَأْسُ الْمَال (وَهُوَ الثَّمَنُ) فَرَأْسُ مَال السَّلَمِ لاَ بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حَالًّا، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا


(١) مصطلح " سلم ".