للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دِيَةَ لِوَرَثَتِهِ كَالْمُحَارِبِ. وَقِيل: يُجْلَدُ نَكَالاً وَيُطَال حَبْسُهُ وَيُنْفَى مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَقِيل: يُقْتَل إِلاَّ أَنْ يَتُوبَ، وَقِيل: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ. وَقِيل: يُقْتَل إِنْ كَانَ مُعْتَادًا لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فَلْتَةً ضُرِبَ وَنُكِّل. (١)

وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (٢) مَا يَأْتِي:

مَنْ كَثُرَ تَطَلُّعُهُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِمْ وَيُعَرِّفُ عَدَدَهُمْ بِأَخْبَارِهِمْ لَمْ يَكُنْ كَافِرًا بِذَلِكَ، إِذَا كَانَ فِعْلُهُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ وَاعْتِقَادُهُ عَلَى ذَلِكَ سَلِيمٌ، كَمَا فَعَل حَاطِبٌ حِينَ قَصَدَ بِذَلِكَ اتِّخَاذَ الْيَدِ وَلَمْ يَنْوِ الرِّدَّةَ عَنِ الدِّينِ. وَإِذَا قُلْنَا: لاَ يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا فَهَل يُقْتَل بِذَلِكَ حَدًّا أَمْ لاَ؟ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَقَال مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: يَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ الإِْمَامُ. وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ: إِذَا كَانَتْ عَادَتُهُ ذَلِكَ قُتِل لأَِنَّهُ جَاسُوسٌ. وَقَدْ قَال مَالِكٌ: يُقْتَل الْجَاسُوسُ - وَهُوَ صَحِيحٌ - لإِِضْرَارِهِ بِالْمُسْلِمِينَ وَسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ، وَلَعَل ابْنَ الْمَاجِشُونِ إِنَّمَا اتَّخَذَ التَّكْرَارَ فِي هَذَا لأَِنَّ حَاطِبًا أُخِذَ فِي أَوَّل فِعْلِهِ.

فَإِنْ كَانَ الْجَاسُوسُ كَافِرًا، فَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: يَكُونُ نَقْضًا لِعَهْدِهِ، وَقَال أَصْبَغُ: الْجَاسُوسُ الْحَرْبِيُّ يُقْتَل، وَالْجَاسُوسُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ


(١) تبصرة الحكام ٢ / ١٧٧ - ١٧٨.
(٢) سورة الممتحنة / ١.