للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَعَ وُجُودِ مَحَارِيبِ الصَّحَابَةِ، وَكَذَلِكَ مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تَكَرَّرَتِ الصَّلَوَاتُ إِلَيْهَا.

كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ إِذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ مِنْ أَهْل الْمَكَانِ الْعَالِمِ بِهَا، بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَقْبُول الشَّهَادَةِ، فَالذِّمِّيُّ وَالْجَاهِل وَالْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ لاَ يُعْتَدُّ بِإِخْبَارِهِ فِي هَذَا الْمَجَال.

فَإِذَا عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنْ إِصَابَةِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى جِهَتِهَا اسْتِدْلاَلاً بِالْمَحَارِيبِ الْمَنْصُوبَةِ الْقَدِيمَةِ، أَوْ سُؤَال مَنْ هُوَ عَالِمٌ بِالْقِبْلَةِ، مِمَّنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ مِنْ أَهْل الْمَكَانِ: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ، فَعَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ. وَالْمُجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ هُوَ: الْعَالِمُ بِأَدِلَّتِهَا وَهِيَ: النُّجُومُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَالرِّيَاحُ، وَالْجِبَال، وَالأَْنْهَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْوَسَائِل وَالْمَعَالِمِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ. فَإِنَّ كُل مَنْ عَلِمَ بِأَدِلَّةِ شَيْءٍ كَانَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِ، وَإِنْ جَهِل غَيْرَهُ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَدِلَّتِهَا، أَوْ كَانَ أَعْمَى فَهُوَ مُقَلِّدٌ وَإِنْ عَلِمَ غَيْرَهَا (١) .

فَالْمُصَلِّي الْقَادِرُ عَلَى الاِجْتِهَادِ إِنْ صَلَّى بِغَيْرِ


(١) ابن عابدين ١ / ٢٩٠ ط دار إحياء التراث العربي، والمبسوط ١٠ / ١٩٠ - ١٩٢ ط دار المعرفة، والحطاب ١ / ٥٠٩، دار الفكر، والدسوقي ١ / ٢٢٦ ط دار الفكر، ونهاية المحتاج ١ / ٤٤٠، ٤٤١، ٤٤٢، ٤٤٣ ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني ١ / ٤٤٠، ٤٤١ ط، مكتبة الرياض الحديثة.