للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْقَوْل، وَقَدْ جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ لاِبْنِ فَرْحُونَ: وَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالْقَوْل فَدَلِيلُهُ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَال: اضْرِبُوهُ فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ (١) . وَفِي رِوَايَةٍ بَكِّتُوهُ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ؟ مَا خَشِيتَ اللَّهَ؟ مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهَذَا التَّبْكِيتُ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل (٢) .

(ر: تَعْزِيرٌ) .

٦ - قَدْ يَكُونُ التَّحْقِيرُ بِالْفِعْل: كَمَا هُوَ الْحَال فِي تَجْرِيسِ شَاهِدِ الزُّورِ، فَإِنَّ تَجْرِيسَهُ هُوَ إِسْمَاعُ النَّاسِ بِهِ، وَهُوَ تَشْهِيرٌ، وَإِذَا كَانَ تَشْهِيرًا كَانَ تَعْزِيرًا. فَقَدْ وَرَدَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي التَّشْهِيرِ بِشَاهِدِ الزُّورِ: قَال أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ: يُطَافُ بِهِ وَيُشْهَرُ وَلاَ يُضْرَبُ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.، وَفِي جَامِعِ الْعَتَّابِيِّ: التَّشْهِيرُ أَنْ يُطَافَ بِهِ فِي الْبَلَدِ وَيُنَادَى عَلَيْهِ فِي كُل مَحَلَّةٍ: إِنَّ هَذَا شَاهِدُ الزُّورِ فَلاَ تُشْهِدُوهُ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُشْهَرُ عَلَى قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ الضَّرْبِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَخِّمُ وَجْهَهُ فَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ


(١) حديث: " أتي برجل قد شرب. . . . " أخرجه البخاري (الفتح ١٢ / ٦٦ - ط السلفية) والرواية الأخرى لأبي داود (٤ / ٦٢٠ - ط عزت عبيد دعاس) .
(٢) ابن عابدين ٣ / ١٨٢، وتبصرة الحكام ٢ / ٢٠٠، ومعين الحكام للطرابلسي ص ٢٣١.