للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي الْمَوْتِ، وَأَمَّا إِنْ شَرَطَ مَنْ لَهُ أَنَّهُ يَحِل بِمَوْتِهِ عَلَى الْمَدِينِ فَهَل يُعْمَل بِشَرْطِهِ، أَوْ لاَ؟ وَالظَّاهِرُ الأَْوَّل (أَيْ أَنَّهُ يُعْمَل بِشَرْطِهِ) حَيْثُ كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ فَسَادُ الْبَيْعِ؛ لأَِنَّهُ آل أَمْرُهُ إِلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ يَحِل الدَّيْنُ الْمُؤَجَّل بِمَوْتِ الدَّائِنِ، وَأَمَّا مَوْتُ الْمَدِينِ فَلَهُمْ رَأْيَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَحِل بِمَوْتِ الْمَدِينِ كَمَا هُوَ رَأْيُ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لاَ يَحِل بِمَوْتِهِ إِذَا وَثِقَ الْوَرَثَةُ، فَقَدْ جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ (١) : " أَنَّهُ إِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِل الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ إِذَا وَثِقَ الْوَرَثَةُ، أَوْ وَثِقَ غَيْرُهُمْ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ، عَلَى أَقَل الأَْمْرَيْنِ: مِنْ قِيمَةِ التَّرِكَةِ أَوِ الدَّيْنِ "، وَهُوَ قَوْل ابْنِ سِيرِينَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ لأَِنَّ الأَْجَل حَقٌّ لِلْمَيِّتِ، فَوُرِثَ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَكَمَا لاَ تَحِل الدُّيُونُ الَّتِي لَهُ بِمَوْتِهِ، فَتَخْتَصُّ أَرْبَابُ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ بِالْمَال، وَيَتَقَاسَمُونَهُ بِالْمُحَاصَّةِ، وَلاَ يُتْرَكُ مِنْهُ لِلْمُؤَجَّل شَيْءٌ، وَلاَ يَرْجِعُ رَبُّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ حُلُولِهِ بَل عَلَى مَنْ وَثَّقَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّوَثُّقُ لِعَدَمِ وَارِثٍ، بِأَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ، حَل، وَلَوْ ضَمِنَهُ الإِْمَامُ، أَوْ " تَعَذَّرَ التَّوَثُّقُ " لِغَيْرِ عَدَمِ وَارِثٍ، بِأَنْ خَلَفَ وَارِثًا لَكِنَّهُ لَمْ يُوثَقْ، حَل الدَّيْنُ لِغَلَبَةِ الضَّرَرِ، فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ كُلَّهُ إِنِ اتَّسَعَتِ


(١) كشاف القناع٣ / ٤٣٨ ط الرياض، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير٤ / ٤٨٥ ط مطبعة المنار.