للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ يُجْبَرُ بِدَمٍ وَحَجُّهُ تَامٌّ. وَهَذَا إِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّعْيَ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ أَوْ أَقَل فَلَيْسَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِلاَّ التَّصَدُّقُ بِنِصْفِ صَاعٍ عَنْ كُل شَوْطٍ، وَكُل هَذَا عِنْدَهُمْ إِنْ كَانَ التَّرْكُ بِلاَ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ. (١)

وَلَوْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَتَرَكَ بَعْضَ الأَْشْوَاطِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ تَرَكَ فِي بَعْضِهَا أَنْ يَصِل إِلَى الصَّفَا أَوْ إِلَى الْمَرْوَةِ لَمْ يَصِحَّ سَعْيُهُ، وَلَوْ كَانَ مَا تَرَكَهُ ذِرَاعًا وَاحِدًا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ، وَيُمْكِنُ التَّدَارُكُ بِالإِْتْيَانِ بِالْبَعْضِ الَّذِي تَرَكَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ. وَلاَ يَلْزَمُهُ إِعَادَةُ السَّعْيِ كُلِّهِ؛ لأَِنَّ الْمُوَالاَةَ غَيْرُ مُشْتَرَطَةٍ فِيهِ بِخِلاَفِ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ. (٢) وَقِيل: هِيَ مُشْتَرَطَةٌ فِي السَّعْيِ أَيْضًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَمِثْل ذَلِكَ: مَا لَوْ سَعَى مُبْتَدِئًا بِالْمَرْوَةِ، فَإِنَّ الشَّوْطَ الأَْوَّل لاَ يُعْتَبَرُ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٣) الآْيَةَ ثُمَّ قَال: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَفِي رِوَايَةٍ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ (٤)


(١) الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٣٤، وشرح المحلي على المنهاج ٢ / ١١٠، والمغني ٣ / ٣٨٨، وفتح القدير ٢ / ٤٦٦
(٢) المغني ٣ / ٣٩٦
(٣) سورة البقرة / ١٥٨.
(٤) حديث " نبدأ بما بدأ الله " وفي رواية " ابدؤوا بما بدأ الله به " أخرجه مسلم (٢ / ٨٨٨ - ط الحلبي) من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ: " أبدأ بما بدأ الله "، وأخرجه مالك في الموطأ (١ / ٣٧٢ ط الحلبي) من حديثه كذلك بلفظ: " نبدأ بما بدأ الله ". ولمح الحافظ ابن حجر في التلخيص (٢ / ٢٥٠ ط شركة الطباعة الفنية) إلى شذوذ رواية " ابدؤوا ".