للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِكُل دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا، وَلاَ تَتَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ (١) .

وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ، وَاَلَّتِي فِيهَا الأَْمْرُ بِالتَّدَاوِي. قَالُوا: وَاحْتِجَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدَاوِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّدَاوِي. وَمَحَل الاِسْتِحْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَطْعِ بِإِفَادَتِهِ. أَمَّا لَوْ قَطَعَ بِإِفَادَتِهِ كَعَصْبِ مَحَل الْفَصْدِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ.

وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَل، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، قَالُوا: لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوَكُّل. (٢)

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: فِي الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الأَْمْرُ بِالتَّدَاوِي، وَأَنَّهُ لاَ يُنَافِي التَّوَكُّل، كَمَا لاَ يُنَافِيهِ دَفْعُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِأَضْدَادِهَا، بَل لاَ تَتِمُّ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ إِلاَّ بِمُبَاشَرَةِ الأَْسْبَابِ الَّتِي نَصَبَهَا اللَّهُ مُقْتَضِيَاتٍ لِمُسَبَّبَاتِهَا قَدَرًا وَشَرْعًا، وَأَنَّ تَعْطِيلَهَا يَقْدَحُ فِي نَفْسِ التَّوَكُّل، كَمَا يَقْدَحُ فِي الأَْمْرِ وَالْحِكْمَةِ، وَيُضْعِفُهُ مِنْ حَيْثُ يَظُنُّ مُعَطِّلُهَا أَنَّ تَرْكَهَا أَقْوَى فِي التَّوَكُّل، فَإِنَّ تَرْكَهَا عَجْزٌ يُنَافِي التَّوَكُّل الَّذِي حَقِيقَتُهُ اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ فِي حُصُول مَا يَنْفَعُ


(١) حديث: " إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء " تقدم تخريجه (ف ٥) .
(٢) ابن عابدين ٥ / ٢١٥، ٢٤٩، والهداية تكملة فتح القدير ٨ / ١٣٤، والفواكه الدواني ٢ / ٤٤٠، وروضة الطالبين ٢ / ٩٦، وكشاف القناع ٢ / ٧٦، والإنصاف ٢ / ٤٦٣، والآداب الشرعية ٢ / ٣٥٩ وما بعدها، وحاشية الجمل ٢ / ١٣٤.