للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إِنْكَارُ الإِْجْمَاعِ:

٧ - قِيل: يَكْفُرُ مُنْكِرُ حُكْمِ الإِْجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ، وَفَصَّل بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ دِينِ الإِْسْلاَمِ، وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ، مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِلتَّشْكِيكِ، كَوُجُوبِ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَحُرْمَةِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ، فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، وَبَيْنَ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَلاَ يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، كَالإِْجْمَاعِ عَلَى بَعْضِ دَقَائِقِ عِلْمِ الْمَوَارِيثِ الَّتِي قَدْ تَخْفَى عَلَى الْعَوَامِّ (١) .

وَفَرَّقَ فَخْرُ الإِْسْلاَمِ بَيْنَ الإِْجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ نَصًّا، كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى قِتَال مَانِعِي الزَّكَاةِ، أَوْ مَعَ سُكُوتِ بَعْضِهِمْ، فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، وَبَيْنَ إِجْمَاعِ غَيْرِهِمْ فَيُضَلَّل.

الإِْجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ:

٨ - يَتَحَقَّقُ الإِْجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ إِذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ، أَوْ قَضَى، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْل عَصْرِهِ، وَعَرَفَهُ جَمِيعُ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ، وَاسْتَمَرَّتِ الْحَال عَلَى هَذَا إِلَى مُضِيِّ مُدَّةِ التَّأَمُّل، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ فَهُوَ إِجْمَاعٌ قَطْعِيٌّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِجْمَاعًا عِنْدَهُمْ حَيْثُ لاَ يُحْمَل سُكُوتُهُمْ عَلَى التَّقِيَّةِ خَوْفًا. وَمَوْضِعُ اعْتِبَارِ سُكُوتِهِمْ إِجْمَاعًا إِنَّمَا هُوَ قَبْل اسْتِقْرَارِ الْمَذَاهِبِ، وَأَمَّا بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فَلاَ يُعْتَبَرُ السُّكُوتُ إِجْمَاعًا؛ لأَِنَّهُ لاَ وَجْهَ لِلإِْنْكَارِ عَلَى صَاحِبِ مَذْهَبٍ فِي


(١) تيسير التحرير٣ / ٢٥٩ ط مصطفى الحلبي، وشرح جمع الجوامع ٢ / ٢٠١