للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - الإِْشْعَارُ هُوَ إِدْمَاءُ الْهَدْيِ مِنَ الإِْبِل وَالْبَقَرِ بِطَعْنٍ أَوْ رَمْيٍ أَوْ وَجْءٍ بِحَدِيدَةٍ؛ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ فَلاَ يُتَعَرَّضُ لَهُ. (١)

فَالإِْشْعَارُ تَدْمِيَةٌ لُغَةً، وَلَيْسَ كَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ.

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٤ - اعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ (التَّدْمِيَةَ) مِنَ اللَّوْثِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْقَسَامَةُ، إِنْ صَدَرَ مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ، إِنْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلاَنِ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى إِقْرَارِهِ، وَكَانَ بِهِ جُرْحٌ. وَتُسَمَّى حِينَئِذٍ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ، وَهِيَ إِنْ كَانَ بِالْمَقْتُول جُرْحٌ. وَأَثَرُ الضَّرْبِ أَوِ السُّمِّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ، وَالْعَمَل بِالتَّدْمِيَةِ قَوْل اللَّيْثِ.

أَمَّا غَيْرُهُمْ فَقَدْ رَأَوْا أَنَّ قَوْل الْمَقْتُول: دَمِي عِنْدَ فُلاَنٍ، دَعْوَى مِنَ الْمَقْتُول وَالنَّاسُ لاَ يُعْطَوْنَ بِدَعْوَاهُمْ، وَالأَْيْمَانُ لاَ تُثْبِتُ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا تَرُدُّهَا مِنَ الْمُنْكِرِ.

وَرَأَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الشَّخْصَ عِنْدَ مَوْتِهِ لاَ يَتَجَاسَرُ عَلَى الْكَذِبِ فِي سَفْكِ الدَّمِ، كَيْفَ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْدَمُ فِيهِ النَّادِمُ وَيُقْلِعُ فِيهِ الظَّالِمُ. وَمَدَارُ الأَْحْكَامِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً احْتِيَاطًا فِي الدِّمَاءِ؛ وَلأَِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْقَاتِل إِخْفَاءُ الْقَتْل


(١) لسان العرب، مادة: " شعر ".