للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، تَارِكًا هَوَى النَّفْسِ وَالتَّشَفِّي، وَإِنْ وُجِدَتِ الْفِئَةُ. (١)

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي جَرْحَى الْبُغَاةِ يَعْتَمِدُ عَلَى مَدَى تَيَقُّنِ الإِْمَامِ مِنَ الْتِحَاقِهِمْ بِالْبُغَاةِ، أَوْ رُجُوعِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ أَمِنَ الإِْمَامُ بَغْيَهُمْ لاَ يَجُوزُ لَهُ اتِّبَاعُ مُنْهَزِمِهِمْ، وَلاَ التَّذْفِيفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنِ الإِْمَامُ بَغْيَهُمُ اتَّبَعَ مُنْهَزِمَهُمْ، وَذَفَّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، حَسَبَ مُقْتَضَيَاتِ مَصْلَحَةِ الْحَرْبِ لِحُصُول الْمَقْصُودِ. (٢)

وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ وُجُودَ الْفِئَةِ الَّتِي يُحْتَمَل التَّحَيُّزُ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْمَصْلَحَةَ هِيَ الأَْسَاسُ عِنْدَهُمْ. (٣) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (بُغَاةٌ) .

وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ بَعِيدَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا، وَلاَ يَتَوَقَّعُ فِي الْعَادَةِ مَجِيئُهَا إِلَيْهِمْ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ وُصُولِهَا إِلَيْهِمْ، لاَ يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ لأَِمْنِ غَائِلَتِهِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ. وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ قَرِيبَةٌ تُسْعِفُهُمْ عَادَةً، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّبَاعُهُمْ وَالتَّذْفِيفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ. (٤)

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ أَهْل الْبَغْيِ إِذَا تَرَكُوا الْقِتَال بِالرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ بِإِلْقَاءِ السِّلاَحِ،


(١) حاشية رد المحتار ٤ / ٢٦٥.
(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٤ / ٢٩٩، ٣٠٠ ط عيسى الحلبي بمصر.
(٣) الشرح الصغير للدردير ٤ / ٤٢٩.
(٤) نهاية المحتاج ٧ / ٣٨٦، ٣٨٧، والمهذب ٢ / ٢٢١ ط دار المعرفة / بيروت - لبنان.