للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمْ يَدْرِ أَصَلَّى ثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ. (١)

وَقَدْ أَجَابُوا عَنِ الْمُرَاجَعَةِ بَيْنَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ، وَعَوْدِهِ لِلصَّلاَةِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ، بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ إِلَى قَوْل الْغَيْرِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ لَهُمْ، أَوْ لأَِنَّهُمْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْيَقِينَ، أَيِ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ. (٢)

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: إِذَا سَبَّحَ اثْنَانِ يَثِقُ بِقَوْلِهِمَا لِتَذْكِيرِهِ، لَزِمَهُ الْقَبُول وَالرُّجُوعُ لِخَبَرِهِمَا، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَوَابُهُمَا أَوْ خِلاَفُهُ. وَقَالُوا: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَجَعَ إِلَى قَوْل أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ لَمَّا سَأَلَهُمَا: " أَحَقٌّ مَا قَال ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالاَ: نَعَمْ " (٣) مَعَ أَنَّهُ كَانَ شَاكًّا فِيمَا قَالَهُ ذُو الْيَدَيْنِ بِدَلِيل أَنَّهُ أَنْكَرَهُ، وَسَأَلَهُمَا عَنْ صِحَّةِ قَوْلِهِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّسْبِيحِ لِيُذَكِّرُوا الإِْمَامَ، وَيَعْمَل بِقَوْلِهِمْ. (٤) وَلِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى فَزَادَ أَوْ نَقَصَ. . . الْحَدِيثَ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ،


(١) حديث: " إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى. . . " أخرجه مسلم (١ / ٤٠٠ - ط عيسى الحلبي) .
(٢) المصادر السابقة.
(٣) حديث: " ذي اليدين " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٩٩ ط السلفية) ومسلم (١ / ٤٠٤ - ط عيسى الحلبي) .
(٤) حديث: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ٧٧ - ط السلفية) .