للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالأَْظْهَرُ تَعَيُّنُ التُّرَابِ جَمْعًا بَيْنَ نَوْعَيِ الطَّهُورِ. فَلاَ يَكْفِي غَيْرَهُ، كَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ. وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لاَ يَتَعَيَّنُ التُّرَابُ. وَيَقُومُ مَا ذُكِرَ وَنَحْوُهُ مَقَامَهُ. وَهُنَاكَ رَأْيٌ ثَالِثٌ: بِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ عِنْدَ فَقْدِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلاَ يَقُومُ عِنْدَ وُجُودِهِ. وَفِي قَوْلٍ رَابِعٍ: أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا يُفْسِدُهُ التُّرَابُ، كَالثِّيَابِ دُونَ مَا لاَ يُفْسِدُهُ. (١)

وَيَرَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْخِنْزِيرَ لَيْسَ كَالْكَلْبِ، بَل يَكْفِي لإِِزَالَةِ نَجَاسَتِهِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ تُرَابٍ، كَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ الأُْخْرَى؛ لأَِنَّ الْوَارِدَ فِي التَّتْرِيبِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلْبِ فَقَطْ. (٢)

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: فَيَرَوْنَ الاِكْتِفَاءَ بِغَسْل مَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ مِنَ الأَْوَانِي مِنْ غَيْرِ تَتْرِيبٍ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رِوَايَاتِ التَّتْرِيبِ فِي الْحَدِيثِ مُضْطَرِبَةٌ حَيْثُ وَرَدَتْ بِلَفْظِ: إِحْدَاهُنَّ، فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى بِلَفْظِ: أُولاَهُنَّ، وَفِي ثَالِثَةٍ بِلَفْظِ: أُخْرَاهُنَّ، وَفِي رَابِعَةٍ: السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ، وَفِي خَامِسَةٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ، وَالاِضْطِرَابُ قَادِحٌ فَيَجِبُ طَرْحُهَا. ثُمَّ إِنَّ ذِكْرَ التُّرَابِ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُل الرِّوَايَاتِ. (٣)


(١) مغني المحتاج ١ / ٨٣، والمغني لابن قدامة ١ / ٥٣.
(٢) مغني المحتاج ١ / ٨٤، والمغني لابن قدامة ١ / ٥٥.
(٣) حاشية ابن عابدين ١ / ١٣٩، والبدائع ١ / ٨٧، ومواهب الجليل ١ / ١٧٩، وجواهر الإكليل ١ / ١٤، وسبل السلام ١ / ٢٥، والمغني لابن قدامة ١ / ٥٣.