للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٣ - وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِلْغَيْرِ، وَتَرَتَّبَ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ، وَأَصْبَحَ مُلْتَزِمًا بِهِ حِفْظًا أَوْ أَدَاءً، فَإِنَّ تَرْكَ الْحِفْظِ أَوِ الأَْدَاءِ يُعْتَبَرُ مَعْصِيَةً تَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ لأَِهْلِهِ، مَعَ الضَّمَانِ فِيمَا ضَاعَ أَوْ تَلِفَ.

وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَتَعَلَّقُ بِنَفْعِ الْغَيْرِ، لَكِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ بِهِ شَخْصٌ، وَكَانَ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ بِمَا يُحَقِّقُ النَّفْعَ ضَيَاعُ الْمَال أَوْ تَلَفُهُ، كَمَنْ تَرَكَ الْتِقَاطَ لُقَطَةٍ تَضِيعُ لَوْ تَرَكَهَا، أَوْ تَرَكَ قَبُول وَدِيعَةٍ تَضِيعُ لَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا، فَتَلِفَ الْمَال أَوْ ضَاعَ، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِحُرْمَةِ مَال الْغَيْرِ، خِلاَفًا لِلْحَنَابِلَةِ إِذِ الأَْخْذُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَهُمْ، بَل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي تَرَتُّبِ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلاَفِهِمْ، هَل يُعَدُّ التَّرْكُ فِعْلاً يُكَلَّفُ الإِْنْسَانُ بِمُوجَبِهِ؛ إِذْ لاَ تَكْلِيفَ إِلاَّ بِفِعْلٍ، أَمْ لاَ يُعْتَبَرُ فِعْلاً؟ .

فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ ضَمَانَ بِالتَّرْكِ عِنْدَ الضَّيَاعِ أَوِ التَّلَفِ؛ إِذْ التَّرْكُ فِي نَظَرِهِمْ لَيْسَ سَبَبًا وَلاَ تَضْيِيعًا، بَل هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ حِفْظٍ غَيْرِ مُلْزِمٍ؛ وَلأَِنَّ الْمَال إِنَّمَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ أَوِ الإِْتْلاَفِ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا إِذَا الْتَقَطَ أَوْ قَبِل الْوَدِيعَةَ وَتَرَكَ الْحِفْظَ حَتَّى ضَاعَ الْمَال أَوْ تَلِفَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِينَئِذٍ لِتَرْكِهِ مَا الْتَزَمَ بِهِ.

وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ