للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحُقُوقِ مَرْتَبَةً وَأَقْوَاهَا هُوَ: تَجْهِيزُهُ لِلدَّفْنِ وَالْقِيَامُ بِتَكْفِينِهِ وَبِمَا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ (١) وَلَمْ يَسْأَل هَل عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لاَ؟ لأَِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ إِلَى الْوَارِثِ مَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ الْمُوَرِّثُ؛ لأَِنَّهُ إِذَا تُرِكَ لِلْمُفْلِسِ الْحَيِّ ثِيَابٌ تَلِيقُ بِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى أَنْ يُسْتَرَ وَيُوَارَى؛ لأَِنَّ الْحَيَّ يُعَالِجُ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ كَفَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ مُصْعَبًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي - بُرْدَةٍ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا، وَكَفَّنَ حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا، وَلَمْ يَسْأَل عَنْ دَيْنٍ قَدْ يَكُونُ عَلَى أَحَدِهِمَا قَبْل التَّكْفِينِ.

أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنِ التَّرِكَةُ خَالِيَةً مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِأَعْيَانِهَا قَبْل الْوَفَاةِ، كَأَنْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الأَْعْيَانِ الْمَرْهُونَةِ، أَوْ شَيْءٌ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ، كَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ، وَكَانَ حَقُّ الْبَائِعِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَبِيعِ نَفْسِهِ الَّذِي لاَ يَزَال تَحْتَ يَدِهِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الدَّيْنُ مُتَقَدِّمًا فِي الدَّفْعِ عَلَى تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَتَجْهِيزِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَغَيْرُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ بُدِئَ بِتَكْفِينِهِ وَتَجْهِيزِهِ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا تُقَدَّمُ نَفَقَةُ الْمُفْلِسِ عَلَى


(١) حديث: " كفنوه في ثوبين " أخرجه البخاري (الفتح ٣ / ١٣٧ - ط السلفية) .