للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَوْل بِالتَّحْرِيمِ هُوَ الأَْوْجَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ النُّطْفَةَ بَعْدَ الاِسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إِلَى التَّخَلُّقِ مُهَيَّأَةٌ لِنَفْخِ الرُّوحِ (١) . وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلاَمُ ابْنِ قُدَامَةَ وَغَيْرِهِ بَعْدَ مَرْحَلَةِ النُّطْفَةِ، إِذْ رَتَّبُوا الْكَفَّارَةَ وَالْغُرَّةَ عَلَى مَنْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا، وَعَلَى الْحَامِل إِذَا شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَلْقَتْ جَنِينًا (٢) .

بَوَاعِثُ الإِْجْهَاضِ وَوَسَائِلُهُ:

٩ - بَوَاعِثُ الإِْجْهَاضِ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا قَصْدُ التَّخَلُّصِ مِنَ الْحَمْل سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْل نَتِيجَةَ نِكَاحٍ أَمْ سِفَاحٍ، أَوْ قَصْدُ سَلاَمَةِ الأُْمِّ لِدَفْعِ خَطَرٍ عَنْهَا مِنْ بَقَاءِ الْحَمْل أَوْ خَوْفًا عَلَى رَضِيعِهَا، عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ.

كَمَا أَنَّ وَسَائِل الإِْجْهَاضِ كَثِيرَةٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهِيَ إِمَّا إِيجَابِيَّةٌ وَإِمَّا سَلْبِيَّةٌ. فَمِنَ الإِْيجَابِيَّةِ: التَّخْوِيفُ أَوِ الإِْفْزَاعُ كَأَنْ يَطْلُبَ السُّلْطَانُ مَنْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ بِسُوءٍ فَتُجْهَضُ فَزَعًا، وَمِنْهَا شَمُّ رَائِحَةٍ، أَوْ تَجْوِيعٌ، أَوْ غَضَبٌ، أَوْ حُزْنٌ شَدِيدٌ، نَتِيجَةَ خَبَرٍ مُؤْلِمٍ أَوْ إِسَاءَةٍ بَالِغَةٍ، وَلاَ أَثَرَ لاِخْتِلاَفِ كُل هَذَا.

وَمِنَ السَّلْبِيَّةِ امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ عَنِ الطَّعَامِ، أَوْ عَنْ


(١) تحفة الحبيب ٣ / ٣٠٣، وحاشية الشرواني ٦ / ٢٤٨، ونهاية المحتاج ٨ / ٤١٦
(٢) الإنصاف ١ / ٣٨٦، والمغني ٧ / ٨١٦ ط الرياض.