للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلإِْصْلاَحِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلأَِنَّ إِصْلاَحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ، وَهَذَا إِذَا أَصْلَحَهُ الْوَاقِفُ أَوْ وَرَثَتُهُ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَهُمُ الْمَنْعُ، بَل الأَْوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إِذَا خَرِبَ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ.

وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَقَدِ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا. (١)

وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ خَرِبَتِ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَمْ يُعَمِّرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ مَالٌ كَانَتْ عِمَارَتُهُ فِي مَال الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُوجِرَ وَعُمِّرَ مِنْ أُجْرَتِهِ. فَإِذَا تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَكَانَ حَيَوَانًا كَخَيْل الْجِهَادِ، فَالنَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَال.

أَمَّا عِمَارَةُ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِخِلاَفِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَجِبُ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ. وَرَيْعُ الأَْعْيَانِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمَسْجِدِ إِذَا انْهَدَمَ وَتُوُقِّعَ عَوْدُهُ حُفِظَ لَهُ، وَإِلاَّ فَإِنْ أَمْكَنَ صَرْفُهُ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ صُرِفَ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَمُنْقَطِعُ الآْخِرِ فَيُصْرَفُ لأَِقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا صُرِفَ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.

٤ - أَمَّا غَيْرُ الْمُنْهَدِمِ فَمَا فَضَل مِنْ غَلَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مَصَالِحِهِ يُشْتَرَى بِهَا عَقَارٌ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ الْمَوْقُوفِ عَلَى عِمَارَتِهِ يَجِبُ ادِّخَارُهُ


(١) الشرح الكبير ٤ / ٤٧.