للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِقَوْل فَاسِقٍ لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ مَعَ تَعْدِيلِهِ أَوْ مَعَ انْتِفَائِهِ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَال مَعَ تَعْدِيلِهِ؛ لأَِنَّ التَّعْدِيل لاَ يَثْبُتُ بِقَوْل الْوَاحِدِ. وَلاَ يَجُوزُ مَعَ انْتِفَاءِ تَعْدِيلِهِ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْل غَيْرُ جَائِزٍ، بِدَلِيل شَهَادَةِ مَنْ ظَهَرَ فِسْقُهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالأَْوَّل فَلاَ يَثْبُتُ تَعْدِيلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيل، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ لإِِقْرَارِهِ بِوُجُودِ شُرُوطِ الْحُكْمِ، وَإِقْرَارُهُ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ. (١)

تَجْدِيدُ التَّزْكِيَةِ:

١٤ - قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَل عَنْ شُهُودِهِ كُل قَلِيلٍ؛ لأَِنَّ الرَّجُل يَنْتَقِل مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هَل هَذَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ وَاجِبٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ مَا كَانَ، فَلاَ يَزُول حَتَّى يَثْبُتَ الْجَرْحُ.

وَالثَّانِي: يَجِبُ الْبَحْثُ كُلَّمَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَغَيَّرُ الْحَال فِيهَا؛ لأَِنَّ الْعَيْبَ يَحْدُثُ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ.

وَلأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ مِثْل هَذَيْنِ. (٢)


(١) المغني ٩ / ٦٦ - ٦٧.
(٢) المغني ٩ / ٧١.