للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُهُ بِالسَّيِّدِ فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَالِكُ الْخَلْقِ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَبِيدُهُ (أَيْ فَلاَ يُطْلَقُ لَفْظُ السَّيِّدِ بِهَذَا الْمَعْنَى عَلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ (١) أَرَادَ أَنَّهُ أَوَّل شَفِيعٍ، وَأَوَّل مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، قَال ذَلِكَ إِخْبَارًا عَمَّا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَضْل وَالسُّؤْدُدِ، وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ، وَإِعْلاَمًا مِنْهُ؛ لِيَكُونَ إِيمَانُهُمْ بِهِ عَلَى حَسَبِهِ وَمُوجِبِهِ، وَلِهَذَا أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: وَلاَ فَخْرَ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ الَّتِي نِلْتُهَا كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ أَنَلْهَا مِنْ قِبَل نَفْسِي، وَلاَ بَلَغْتُهَا بِقُوَّتِي، فَلَيْسَ لِي أَنْ أَفْتَخِرَ بِهَا

وَقَال السَّخَاوِيُّ: إِنْكَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ تَوَاضُعًا مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَاهَةً مِنْهُ أَنْ يُحْمَدَ وَيُمْدَحَ مُشَافَهَةً، أَوْ لأَِنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ تَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لِمُبَالَغَتِهِمْ فِي الْمَدْحِ، وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَقَوْلُهُ لِلْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ (٢) وَوَرَدَ قَوْل سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا سَيِّدِي " فِي حَدِيثٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي عَمَل الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ،


(١) حديث: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " أخرجه مسلم (٣ / ١٧٨٢ - ط الحلبي) دون قوله " ولا فخر "، فهي في الترمذي (٥ / ٣٠٨ - ط الحلبي) .
(٢) حديث: " إن ابني هذا سيد " يأتي مطولا ويأتي تخرجه في (ف ٩) .