للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُقُوبَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الآْيَةِ. (١) عَلَى تَرْتِيبٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حِرَابَةٌ) .

كَيْفِيَّةُ تَنْفِيذِ عُقُوبَةِ الصَّلْبِ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ:

٦ - بِاسْتِقْرَاءِ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ يَتَبَيَّنُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِصَلْبِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ: أَنْ يُحْمَل عَلَى الْخَشَبَةِ حَيًّا، ثُمَّ يُتْرَكَ عَلَيْهَا حَتَّى يَمُوتَ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا: فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ: يُصْلَبُ حَيًّا، ثُمَّ يُقْتَل مَصْلُوبًا بِطَعْنِهِ بِحَرْبَةٍ؛ لأَِنَّ الصَّلْبَ عُقُوبَةٌ، وَإِِنَّمَا يُعَاقَبُ الْحَيُّ لاَ الْمَيِّتُ؛ وَلأَِنَّهُ جَزَاءٌ عَلَى الْمُحَارَبَةِ، فَيُشْرَعُ فِي الْحَيَاةِ كَسَائِرِ الْجَزَاءَاتِ (٢) .

وَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: يُقْتَل أَوَّلاً، ثُمَّ يُصْلَبُ بَعْدَ قَتْلِهِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ ذِكْرَ الْقَتْل عَلَى ذِكْرِ الصَّلْبِ، فَيُلْتَزَمُ هَذَا التَّرْتِيبُ حَيْثُ اجْتَمَعَا؛ وَلأَِنَّ الْقَتْل إِِذَا أُطْلِقَ فِي الشَّرْعِ كَانَ قَتْلاً بِالسَّيْفِ؛ وَلأَِنَّ فِي قَتْلِهِ بِالصَّلْبِ تَعْذِيبًا لَهُ وَمُثْلَةً، وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ عَنِ الْمُثْلَةِ.

أَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الْمَصْلُوبُ عَلَى الْخَشَبَةِ بَعْدَ قَتْلِهِ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: يُصْلَبُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُصْلَبُ قَدْرَ


(١) المغني لابن قدامة ٨ / ٢٩٠، ط ٣. القاهرة مكتبة المنار ١٣٦٧ هـ، والدر وحاشية ابن عابدين ٣ / ٢١٣، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي وعميرة ٤ / ١٩٩، ٢٠٠.
(٢) لم يذكروا التسمير، والظاهر أنه لا ينبغي استعماله، لما تقدم من النهي من المثلة، بل يكتفى بالربط.