للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْحُكْمِيَّ. وَالْحَاقِنُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ السَّبِيلَيْنِ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمُ اعْتَبَرُوا الْخُرُوجَ الْفِعْلِيَّ أَوِ الْحُكْمِيَّ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ، وَاعْتَبَرُوا الْحَقْنَ الشَّدِيدَ خُرُوجًا حُكْمِيًّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. وَلَكِنَّهُمُ انْقَسَمُوا إِلَى رَأْيَيْنِ فِي تَحْدِيدِ دَرَجَةِ الاِحْتِقَانِ الَّتِي تَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا كَانَ الاِحْتِقَانُ شَدِيدًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ مِنَ الإِْتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، كَمَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الإِْتْيَانِ بِهَا بِعُسْرٍ، فَقَدْ أَبْطَل الْحَقْنُ الْوُضُوءَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَل بِهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ. وَاعْتَبَرُوا هَذَا خُرُوجًا حُكْمِيًّا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ.

وَقَال الْبَعْضُ الآْخَرُ: الْحَقْنُ الشَّدِيدُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الإِْتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ (١) .

صَلاَةُ الْحَاقِنِ:

٥ - لِلْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ صَلاَةِ الْحَاقِنِ اتِّجَاهَانِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّ صَلاَةَ الْحَاقِنِ مَكْرُوهَةٌ، لِمَا وَرَدَ مِنَ الأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ. وَقَال الْخُرَاسَانِيُّونَ وَأَبُو زَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا كَانَتْ مُدَافَعَةُ الأَْخْبَثَيْنِ شَدِيدَةً لَمْ تَصِحَّ الصَّلاَةُ (٢) . وَاسْتَدَل الْجَمِيعُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لاَ


(١) حاشية الدسوقي ١ / ١٠٦ ط عيسى الحلبي.
(٢) الطحطاوي على مراقي الفلاح ١٩٧، والمغني ١ / ٤٥٠، والمجموع للنووي ٤ / ١٠٥